مرضي بالطفيلة ومِنها السيرة
محليات"المستشفيات الخاصة" ترعى اجتماعاً مع لجنة حصر الديون الليبية
دروبأسرار من داخل مطعم المشاهير في نيويورك - صور
محلياتالشواربه يتفقد تحضيرات أمانة عمان استعدادا للقمة العربية
محافظاتحملة لتنظيف الشاطئ الاوسط في العقبة
محلياتالسفارة السعودية تطمئن على المرضى السعوديين بمستشفيات عمان
عربي ودوليحسني مبارك حرا بعد 6 سنوات من السجن
رياضةتحديد موعد مباراة ريال مدريد المؤجلة أمام سيلتا فيجو
رياضةمبابي يصفع ريال مدريد ومانشستر يونايتد
محلياتالدفاع المدني يتعامل مع 103 حادثا مختلفا
محلياتوفيات اليوم الجمعة 24-3-2017
عربي ودوليمجلس الامن يناقش القضية الفلسطينية الجمعة
عربي ودوليميركل: لا أتوقع خروج دول أخرى من الاتحاد الأوروبي
عربي ودوليالعراق: إجراءات أمنية مشددة في بغداد استعداداً لتظاهرات الجمعة
عربي ودوليوزير الدفاع الفرنسي: معركة تحرير الرقة من قبضة داعش ستبدأ خلال أيام
عمان 8° [صافي] 01:11
[عمر كلاب]
مرضي بالطفيلة ومِنها السيرة
عمر كلاب
السبت 25 آذار / مارس 2017.
عدد المقالات: 1434
wr12@addustour.com
FacebookTwitter
للجنوب وجعه الخاص وبنيته الذاتية التي تتمتع بخصوصية عكستها الجغرافيا على الجيل الاول حد انتقالها الى الاجيال اللاحقة بالتوريث، وكأن الجنوب جينٌ يمكن توريثه، فالطيبة والعناد مركبان عضويان لكل جنوبي بصرف النظر عن انتمائه الفكري او وعيه السياسي، منذ يومين وانا اتناول وجبة دسمة من مخزن جنوبي مليء بالحكايا والعناد الواعي، حدّ الاعتراف، فمذكرات الاستاذ مرضي القطامين او بعض ما علق في ذاكرته حسب عنوان كتابه الذي أهداني اياه نجله البكر نضال المولود والمرضي تحت الاقامة الجبرية ولعل ذلك سبب تسميته بهذا الاسم من والدته، التي أسندت مرضي وكانت سنديانته التي يستند اليها ويتورّف ظلالها في الحياة التي عاشها بين المنافي سواء على هيئة عمل في الاغتراب او نفي مشفوع بإقامة جبرية .
قليل من الساسة ركبوا مشروع الوعي بكتابة المذكرات، وهي اول عمل تشريحي للشخص بقلمه وبلسانه، ولذلك قلّة يمتلكون عناد التشريح ووجعه، ولعل اول اعتراف لمرضي القطامين رحمه الله يؤكد هذه الخلاصة، فالمرحوم يعترف بعناده الذي منحه شرف البقاء على المبدأ والحق به خسائر متعددة الاشكال، لكن الصورة المرسومة على خرائط الذاكرة لسياسي من طراز مرضي بقيت تتمتع بالق خاص ومربوطة بغليونه ايضا ولا اجد حتى اللحظة تفسيرا للغليون الا الثقافة والتأثر بمثقفي الثورة الفرنسية الذين الهبوا خيال العالم بالثورة والتحرر باشتراط الوعي والثقافة وليس بدون هذه الاشتراطات، ولعل الجغرافي الذي سكن عقله اورثه حب الارض والحفر بها من اجلها اولا ومن اجل حفظ التاريخ الواعي لأن الجغرافيا تاريخ ساكن .
تفتح مذكرات مرضي القطامين رحمه الله باب ازاحة عن محافظة حصلت على نسبة عالية من الظلم التاريخي والاجتماعي العام، ربما بحكم مجاورتها لمدينة معان المسكونة بالوجع او بحكم شراكتها مع الكرك في الجنوب واستئثار المدينة التي حيثما تقرأها تكون كرك بالبريق والحضور، او بحكم طيبة ابناء الطفيلة الذين اركنوا ان التاريخ سينصف الموقنين المؤمنين بصمت، لكن المذكرات تكشف حجم الاثر المغيب لرجالات المحافظة في الارث الوطني العام والدور البارز التي لعبته ورجالاتها في صهر الهوية الوطنية على ارضية الجمع ونبذ التفريق، فقبلت بأن تكون نقطة البسمة او محور النكتة الوطنية بصبر وايمان العجائز، فطبيعة المحافظة الوعرة تمنح الصبر والقوة وتلهب الخيال الغرائبي الذي يحتاج الى وقت كي يتبدّى على هيئة ابداع وهكذا كانت الطفيلة ورجالاتها .
مرضي القطامين قصة نعرفها جميعا، ليس بحكم انها قصة مرضي القطامين او مِزعل قبل ان يفرض اساتذته اسم مرضي عليه فرضا لنباهته وتفوقه الاكاديمي، بل لانها قصة كل ابناء الوجع في المحافظات البعيدة وكل ابناء ذلك الجيل الذي استعصت عليهم الحياة بحكم التتريك الذي سلب الضرع والارض، وترك جيل الاجداد على قارعة التعليم والحضارة، فكان مرضي حالة متفوقة على ظرف قاسٍ وكان عنصر جذب لابناء المحافظة كي يسنتسخوا التجربة بغريزة الوعي قبل مفهوم الاستنساخ، فسحب اجيال بعده الى التعليم والسياسة التي خاضها بغريزة القومية ووعي الجغرافي الذي درس الارض والحدود الموهومة فخاض تجربة البعث على امل احياء الأمة، تحت مفهوم العروبة والاسلام، امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، بعثي كان احد ثلاثة حاولوا ردم الفجوة بين بغداد والشام، لكن الفجوة صارت حفرة انهدام، وعاد هو الى مجابهة الواقع المر في بلاد تتشكل على لهيب الاقليم وتتعارك مع انعكاساته عليها.
احببت ما كتبه الدكتور عبد السلام المجالي عن المرحوم في تقديمه لمذكراته واكبرت ما كتبه نضال ومعن الابناء عن الاب الذي عرف ان مذكراته ستنشر وهو تحت الثرى وانه كتبها تحت ضغطهم الواعي واحببت اكثر جرأة مرضي في الاعتراف بفضل اصحاب الفضل ونبل الخصومة عند جيلهم وليتنا نرث ذلك منهم، واحببت قراءته الواعية لما جرى في مصر والاردن وتداعيات اعوام الغموض الكوني من العام 56-58 من القرن الماضي، وتعلمت اكثر كيف يكون الصبر على المبدأ وكيف تتحول الجغرافيا الظالمة الى تاريخ متحرك يمكن ان تتناقله الاجيال، على وعد وامل ان يتمتع الساسة بجرأة مرضي رحمه الله بالكتابة الناقدة والسرد الامين لمذكرات على هيئة تاريخ لمراحل سياسية صعبة وملتبسة، ورحم الله ايام الجفر على صعوبتها ورحم الله مرضي وجيله من الراحلين .
الدستور