اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

الجبور تكتب:اضراب المعلمين يتزامن وهيكلة القطاع العام

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/21 الساعة 09:15
مدار الساعة,الأردن,موظفو,صحة,نقابة,الأمن,الاردن,منتسبي,اردن,

كتبت د. آمال جبور- صار معروفا في الأردن وغيره ان محاولات الاضعاف لمؤسسات القطاع العام، تجري باسم مضلل، كإعادة هيكلته، وخلط ذلك لدواعي وضرورات الإصلاح والتطوير والتحديث.

إن الأزمة التي يعيشها القطاع التعليمي في هذه الفترة ، و ما نتج عنها بإعلان المعلمين الإضراب في المؤسسة التعليمية الحكومية، يستدعي طرح تساؤلات اكبر من قضية مطالب وحقوق مالية فقط لهذا القطاع.

أعتقد أن المشكلة أعمق من ذلك، وتفرض علينا النظر بشمولية لجذور مشكلة القطاع الحكومي بأكمله وليس القطاع التعليمي فقط.

فالقطاع الحكومي على امتداد مستوياته، يعاني موظفوه من انخفاض وتدن في الأجور بالتزامن مع أزمة مالية لم تعد الدولة قادرة على إدارة ملفها بشكل مقنع .
إن التشوه المريب في نظام الأجور وسلم الرواتب لمؤسسات الدولة ، ألغت المساواة بين أبناء الوطن، وصولا إلى شعور الأغلبية بالظلم، إزاء موظفي مؤسسات اخرى شيدت لمصالح متنفذين، كانت أحد أسباب إقدام المعلمين على المضي بخطوتهم، والمطالبة بتحسين أوضاعهم المالية، ولربما يلتحق بهم آخرون من قطاعات لا تقل أهمية مثل الجيش والصحة، وغيرهم.

و تعالت أصوات المعلمين مؤخرا حول سياسة التعليم خلال السنوات الماضية، التي تشكك- حسب تصريحات النقابة- بتحويل هذا القطاع من مؤسسة تعليمية تربوية، إلى مربع تتقاطع به مصالح جهات ذات علاقة سواء من قريب أو بعيد.

هذه الأزمة التي اشغلت الدولة والمجتمع تستدعي النظر والتأمل بجدية إلى ما هو أبعد ، حول سياسات قادمة تتمثل بهيكلة مؤسسات حكومية أخرى داعمة للبنية الاجتماعية والسياسية والأمنية للدولة، وهذا ما لا نريده من كوادر هذه المؤسسات للكشف عن انيابها ، لتفريغ حالة الغضب حول سياسات الدولة بتجاهل تحسين أوضاعهم المالية والحقوقية ايضا.

إن حالة القطاع العام الحكومي ، الذي يشكل كوادره العمود الفقري للكتلة الاجتماعية الواسعة والمعروفة بالطبقة الوسطى، من قطاع التعليم والصحة والجيش وغيره، يتم الآن تهميشه وكبت حريته إزاء المطالبة بحقوقهم وتحسين مستوى معيشتهم، تمهيدا لتقليص حجمه الوطني الفاعل والناجز عبر تاريخ الدولة الأردنية.

أن هذا القطاع هو اساس القاعدة الاجتماعية لابناء الطبقة الوسطى، وهو أساس الدولة العميقة، الذي يشكل صمام الأمان والأمن الوطني للدولة والشعب من جهة،.
ومن جهة أخرى لا يجوز هيكلته و مقاربته بالقطاعات الخاصة التي تم استحداثها بزاوية الأرباح والخسائر ، والتي يمكن أن تكون صحيحة وضرورية في بلدان أخرى ولا تنطبق في الحالة الاردنية.

وبذلك فان إضعاف القطاع العام بهيكلته وخصخصته، وربط أداءه بمؤسسات خاصة سواء ربحية او شكلية، هو إلغاء وإضعاف الدولة برمتها ، وبالتالي فالمطلوب ليس الإجهاز على هذا القطاع بحجة الترهل او القمع لمطالبته بتحسين وضعه ، بل يجب تحديثة وتطويره، ورفع مستوى دخل منتسبيه واحترام حقوقهم، إذا أرادوا أن تبقى الأردن اردنا.

وعند إستبدال القطاع العام بقطاعات أخرى أكثر تقدما وتحديثا كما يزعمون ، فذلك يعني إستبدال كتلة سياسية هي بروقراطية الدولة ، لكتلة سياسية أخرى تجهز حاليا لقيادة الأردن في الفترة القادمة.، وهذه الكتلة اكثر ارتباطا باستحقاقات تصفية القضية الفلسطينية عبر الأردن .

أن الطابع العام لكتلة القطاعات التي تم تشكيلها مؤخرا باسم قطاعات خاصة لم يكن لها دور في بناء ركائز الدولة الأردنية، بل عملت لصالحها وعلى مستوى ضيق، فغذت نفسها بنفسها، فهم على الأغلب ليسوا من ابناء الطبقة الوسطى ، وتحمل طابعا سياسيا أبعد ما تكون عن مصالح الشعب الأردني و الفلسطيني وقضيته العادلة.

لذلك ليس من العدل إستبدال القطاع العام الحكومي الذي يمثل القاعدة الاجتماعية التي قام عليها الاردن بحجة الترهل ومواكبة التحديث، لصالح قطاعات خاصة استحدثت وتخدم فئة معينة، تريد تحديثا في الشكل لا حداثة في الجوهر..

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/21 الساعة 09:15