اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

السرحان تكتب: أبو مجحم والقِصاص..

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/17 الساعة 01:44
مدار الساعة,اخبار مدار الساعة,وكالة مدار الساعة الاخبارية,اخبار الاردن,عرب,شبابية,اقتصاد,بانوراما,رياضة,اردنيات,البرلمان,صورة,وسائط,أخبار,أعمال,ثقافة,معلومات,إسلامي,إنترنت,إسلام,عناوين,نساء,المسلمون,الدين,الأتراك,العثمانيون,الأردن,الاردن,اردن,الملك,شباب,الملكة,ولي العهد,news,arabic,local,jordan,king abdulla,queen rania,israel,Middle east,vote,Archive,مذكرات,مذكرة,تبليغ,تبليغات,كشوف,اسماء,المقبولين,المفصولين,المرشحين,المترشحين,الناخبين,قوائم,قائمة,المبتعثين,المنح,القروض,اقساط,سلف,منح,قروض,الفائزين,انذارات,انذار,اخطارات,اخطار,المعتقلين,الوفيات,نعي,يعني,وفيات,وفاة,مقتل,حادث,حوادث,دهس,المسعفين,نقيب,نقابة,رئيس,وزير,امين عام,الموظفين,موظفو,منتسبي,المنتسبين,المتقاعدين,العسكريين,ضباط,القوات المسلحة,الجيش العربي,الامن العام,الدرك,المخابرات,المحكومين,المتهمين,العفو العام,محكمة,محاكم,محاكمات,المحاكمات,محاكمة,قضاة,القضاة,التنفيذ القضائي,وزارة العدل,قصر العدل,كاتب العدل,اعلانات,اعلان,اعلانات مبوبة,اعلانات نعي,جلسة,جلسات,تعديل,تعديلات,قانون,قوانين,الجريدة الرسمية,نتائج,الشامل,التوجيهي,توجيهي,نتائج التوجيهي,رديات,ضريبة الدخل,رديات الضريبة,السياحة في الاردن,السياحة في الأردن,معالم سياحية في الأردن,معالم سياحية في الاردن,الاردن التاريخ والحضارة,الأردن التاريخ والحضارة,أخبار الأردن,اخبار الاردن,المواقع الأثرية في الاردن,المواقع الأثرية في الأردن,الطقس في الاردن,الطقس في الأردن,الأحوال الجوية في الأردن,الأحوال الجوية في الاردن,الأردن المساحة والموقع الجغرافي,الاردن المساحة والموقع الجغرافي,جامعات الاردن,جامعات الأردن

بقلم كاتبة البادية: جميلة السرحان

تغزل أم مجحم الصّوف في مغزلها الخشبي فتبرمه برمًا بطريقة فنية جميلة، لتُعدّ (الكرابيس) فقد حان موعد (القِصاص) أي جزْ صوف الاغنام، فقد اعتدل الجو في أخر فصل الربيع، أي في منتصف نيسان ممتداً إلى نهاية أيار ، إذْ يبدأ موسم القِصاص وهم يرددون :

لاش قص الحايل مع الكباش..
وشيل منجلك وانحاش..
أي إذهب للحصاد بعد الانتهاء من قص صوف غنمك.

وذلك لتستقبل الاغنام الصيف خفيفة نظيفة فينمو جسمها جيداً، فقد اتفق أبو مجحم مع مجموعة من القواصيص (حمويّه) من سوريا لقص صوف الأغنام مقابل أجر، إذ قل عدد الرجال اللذين يجيدون عملية القص ، ونظراً لانشغال الناس بأعمالها ذهب ما يسمى ب (الفزعة) في القِصاص.

ثم أعد وأولاده بيتًا من الشّعر خاصاً لجز صوف الاغنام فيه، إذ أنه فارغ من الداخل ، فالقواصيص سيمكثون طيلة النهار من الصباح وحتى المساء وهم يعملون ، وهذا يتطلب شيئاً من الظِل بعيداً عن أشعة الشمس ( للقاصوص) وللغنم أيضاً وهي مقيّدة.

وقد أعدّوا شبْكاً خاصًا للاغنام أمام بيت الشعر ، ليتم حصر الاغنام التي سيتم قص صوفها بداخله.

ومن هناك قد أعدّت أم مجحم العدّة من (الكرابيس) وحَمْس القهوة وإعداد عدّة الشاي الخاص بالقواصيص وغيره من الحلوى والمياه.

أمّا إبنتها الكبرى البالغة من العمر الثالثة عشر عاماً فقد زادت كمية الطحين للعجن ليتسنى لأمها خبزها في الصباح الباكر.

فقد حلّ المساء وعاد مجحم ب الاغنام إلى (المَرَاح) وقد ثبّت وتد دابته بالأرض جيداً وازال عنها (الوثار) لترتاح.

ثم أقبل إلى البيت فإذا بأبيه قد جهّز جانبًا مقصّات قصّ الصوف والكرابيس ، فأخذ يساعد أبيه وأخذ يحملهن إلى مكان القصاص، إذْ بدأ القواصيص يضعون ( فِرشهم) أمام بيت الشعر ليناموا بعد أن تناولوا طعامهم ليستيقظو باكراً.

وعند عودة أبو مجحم ومجحم إلى البيت ، فإذا بأم مجحم تنهر الاولاد بأن يناموا باكراً لأنه عندهم ( قِصاص)غداً وإبنتها عيدة فقد أعدّت كلّ ما طُلب منها فهي متحمسة جداً ليوم غد ، ثم ذهبت وتمددت في فِراشها وحين تسمع أمّها تقول : (يلا يا عيال ناموا..بكرا عندنا قِصاص) ، تشعر وكأنّها مُقدمةٌ على معركة أو حرب ، ولا بد من الإعداد الجيد لها ، لكنّها لا تعلم أي نوع هي ، فتبقى تُفكر بذلك وهي تحاول تنويم إخوتها الصغار فتروي لهم حكاية (جبينه) فتنام عينيها الصغيرين مع إخوتها الصغار وجبينه.

إلا إن الوقت يسيرُ بسرعةٍ كبيرةٍ ، فسرعان ما تستيقظ على صوت أمها : (يلا يا عيدة قومي طلع الفجر) ، فتقوم عيدة واذا بالجو ما زال فيه لذعةُ برد ، فتلملمُ نفسها وترتدي جاكيتاً صوفياً صغيراً ، فتنظر هناك ب (الربعة) فإذا بأبيها قد أعدّ دلال القهوة وإبريق الشاي الكبير الحجم ، ومن هناك إذْ بالقواصيص قد استيقظو وكلّ منهم قد لف فراشة وربط حزامة على وسطه بقوة ، ثم جلسوا يتناولون الشاي.

وقد أقبلَ الشُبّان من (قصرَاهم) جيرانهم لمساعدتهم في تقييد الاغنام.

إذْ اخذ مجحم (شليّه) من الاغنام وهنا الشليّه إمّا تكون (جَلد أو رغث أو مزاغير) إلى الصّيره أو الشبك الذي تم إعداده لذلك ، وهنا يبدأون بالأغنام (الحايله) والكباش و(الحايله) تعني التي لم تحمل ولم تلد بهذا الموسم ، ثم تُقص بعدها (الرغث) وهي التي ولدت هذا الموسم ويتم حلبها ، ثم المزاغير وهي حديثة الولادة ، والغاية في تأخيرها هو حمايتها من موجات البرد المفاجئة والتي قد تؤثر على إنتاج الحليب ، أو قد تصاب بالمرض.
ومن هناك بدأ العمل الجادّ فبدأ الشبان بالإمساك بالاغنام الواحدة تلو الأخرى عن طريق الإمساك بها من رجلها الخلفية إلى أن تصل داخل البيت المعدّ لذالك، أو حملها أحياناً ثم طرحها أرضًا ، وهناك جهّزت عيده وابنة عمّها (خزنه) الكرابيس ووضعنهن حول رقبتهن وكلما طرحوا شاه أسرعن وقيدنَ ايديهم بأرجلهن بالكرباس دون ايذائها إلى أن تكتمل الطرحة فيبدأ القواصيص بالعمل ، وقصّ الصوف إذ يبدأ القواصيص بالقصّ مستخدمين في عملية القص أداة تشبه المقص ولكنها دون فتحات للأصابع أي أنه يتم الضغط عليه بواسطة راحة اليد والأصابع ماعدا الإبهام وهذا المقص يسمى "الزو" أو "المقراض" وهو مصنوع من الفولاذ وتتم صناعته من قبل الحدادين ويتم جلخه ، حتى يصبح حاداً جداً ، ويوضع "الزو" باللبن الحامض بعد كل عملية قصّ والغاية من ذلك هو إزالة جميع الأوساخ العالقة على أطرافه والتي تعيق القص إن لم يتم تنظيفها.

وتكون بداية القصّ من منطقة البطن بدءاً من الرقبة باتجاه الضرع ، وهذه المنطقة حساسة جداً ، حيث يتوخى فيها الحذر لأنها رقيقة وكمية الصوف فيها قليلة وقصيرة ، بعدها تُقصّ الجهة اليمنى باتجاه الظهر ، وتُقلب الحيوانات على الجهة الأخرى ، وأيضاً باتجاه الظهر وصولاً إلى منطقة الألية، وهذا العمل يحتاج إلى تركيز كبير ومهارة عالية بالاضافه إلى القوه فأي خطأ هنا سوف يودي بحياة الشاه ، إلى أن يكمل وهناك يُزيل ما يعلق في الشاه من (القَلق) وهي تلك الأوساخ التي علقت في الشاه طيلة فترة الشتاء ، وهنا عندما ينتهي القاصوص من عملية القصّ يقول بصوت عالي : هذه (طُلوق) أو هذه (خالصه) فيرد عليه أبو مجحم : عفيه النشمي ،فتتنبه لذلك عيده وإبنة عمّها فتُطلقها وعندما تنهض الشاه فإذا بها قد خفّ وزنها فتُدير نظرها للخلف قليلاً فتجفَل من منظرها الجديد ثم تنطلق مسرعة فيَطرق أبو مجحم على سطل حتى تعود للقطيع بسلام.

أمّا الصوف الناتج يجب أن يكون متماسكًا على شكل كتلة واحدة تسمى "الجِزة"، ثم تقوم عيده بلَف جِزّة الصوف جيدًا وإزالة الاوساخ العالقة بها ثم وضعها في المكان المخصص لجمع الصوف عند طرف البيت.

ومن هناك فقد جلس أبو مجحم يراقب القواصيص جيداً وحين يجرح أحدهم شاه يسرع بمعالجتها فقد اعدّ لذلك لبن وملح ، وقد أقبَلَ جيرانه أبو راكان وأبو نايف وحينما أقبلوا على البيت فإذا بأبو راكان يقول : (البركه البركه يا الربع ) ، فينهض ابو مجحم ويحييهم ويقول لهم : (يا وجه البركه يا وجه البركه اقلطوا على القهوة ، يا حيّ الله من جانا) ، فيأخذ مجحم ويصبّ لهم القهوة .
فيسمعون القواصيص يتكلمون بلهجتهم الحلبية (هات لاقلك خيّوه) و(يلا يا خيي) وبعضهم يقصد ويقول :
بيدي مكرضي وبيدي زوي..
وإن قلت العوان واش عاد اسوي..
وهم بتلك الأهازيج يشجعون أنفسهم على العمل .
أمّا عيده وبنات عمّها فقد جلسنَ بالقرب من جزز الصوف يستمعن لطقطقات مقصّات القواصيص وقد تلثمن خوفاً من الغبار ورائحة الصوف الشديدة .
وفي هذا الوقت حلا لأبو مجحم وأصحابه الهجيني لإثارة الحماس بين القصّاصين ، وعيده وإبنة عمّها يعدّان ابريق الشاي تلو الاخر وقد سالت دموعهما من دخان النار ، إلاّ إنهما يخفيانها تحت اللثام ، فيأخذه راكان ويصبّه للضيوف والشبّان والقواصيص .
وهنا قد ارتفعت الشمس وأضْحَت فإذا بأم مجحم قد أعدّت فطور القواصيص من السمنة والحلاوة والجُبن والبيض البلدي وخبز الصاج الذي أكثرت منه ليكون وافيًا. وعند اكتمال الطرحة جلسوا لتناول الفطور لتقوا أجسادهم على العمل ، أما مجحم وأصحابه فقد طرحوا الاغنام وملأوا البيت لتكون جاهزة للقصّ وعيده وبنات عمّها قد لممنَ جزز الصوف وربطنهن جيداً ، وحملنه إلى مكان تجميعه إلى حين الانتهاء ثم بيعه إلى تجار الصوف.
وهنا لابد من الانتباه إلى عدم إطالة مدّة قيد النعجه لأنها تكون شبه متوهنه وبالتالي قد يسبب لها الموت لا سمح الله ولا بد من متابعه الغنم في الشبك وعدم ازدحامها لئلا تتضرر ، كما يمكن ترك الغنم التي تم قصّها في الخارج ويقوم بمتابعة رعيها أحدهم ، كما يركز أبو مجحم على عدم إعطاء الغنم علف أو ماء خلال فترة القصّ إلا أن تنتهي ، وذلك في المساء فيقوم مجحم وراكان بعلفها وسقايتها وفي اليوم الثاني حين يعود للقص في الصباح الباكر لا يضرها.
وهناك شيخ القصاصين كلما أنهى أحدهم شاه يضع في جيبه حصوة ليتم جمعها في نهايه اليوم ، وهذه عملية أسهل من عدّ الأغنام .
وبينما أبو مجحم وأصحابه فقد حلا لهم الهجيني وهم يعالجون ما جرح من الشياه ، وقد اقبلت أم مجحم ومعها سدر ملأته بالحلاوة والراحة مع البسكوت فيتناوله ابنها مجحم ويأخذ يديره على الضيوف وتجار الصوف والقواصيص وأصحابه الشبّان ، وإذا بالوقت اقتربَ من الظهيرة ، وهنا يأخذ أبو مجحم أحد الخرفان ويذبَحه لتُعدّ أم مجحم غداء القواصيص ، فتُجهز الحطب وتُعدّ القدور اللازمة لذلك ، وهذا في اليوم الأول أمّا عندما ينهون عملية القصاص والذي قد يستمر لثلاثة أيام أو أربعة وذلك حسب عدد الأغنام وعدد القواصيص ، فيقوم بذبح ذبيحتين أو أكثر ويعزم الجيران جميعاً فرحاً بانتهاء القصاص وكأنه العُرس بعينه .
وهنا يتجمع الصغار حول أبو مجحم فتأخذ أم مجحم وتشوي لهم الكلاوي والقلب والكبد وتقلّبها ثم تضعها على رغيف خبز أمامهم فيأخذوها وهم يتقافزون فرحًا ويتذوقونها بلذة فرح العيد.

يعود أبو مجحم إلى بيت القِصاص فإذا بإبنته عيده تلتقط أنفاسها بالقرب من كومة الصوف وإبنة عمّها خزنه تقول لعمّها : (يا عم أبو مجحم عيده شِرقتْ) ، كانت عيده تسمع ( بالشَرقَه ) وتخافها لذا بقيت طوال الوقت باللثام لكن لم تعلم بأنها ستصاب بها ، فأسرع أبوها وحملها ونادى أحد تجار الصوف بأنْ يحرك سيارته لطبيب القرية ، وهو يحاول إزالة الشماغ من حول رقبتها ليبعد رائحة الصوف عنها ، ويسقيها الماء ، لكنها تسعل بشده ودموعها تسيل وتمسكُ بصدرها حين تسعل، فتشعر وكأنه يتشقق ولا سبيل للخلاص ، أبو مجحم يحث التاجر على الاسراع وما أن يصلا يسرع أبو مجحم وهو حامل إبنته التي تسعل بشده ، وعيده من شدة السعال زال حجابها وهي تمسكُ بطرفه لئلا ينكشف شيء من شعرها أمام الناس والطبيب ، فيدخلها الطبيب فوراً إلى الداخل ، وهناك يستفسر ماذا جرى لها ، فيروي له أبو مجحم القصة فيقوم الطبيب بعمل محلول ثم يسقيها ثم يعطيها إبرة فيهدأ سعالها قليلاً ، ثم يناول الطبيب أبو مجحم مجموعة من الأدوية وهو يقول يجب ألا تقترب من الصوف إلى أن تَشفى ، فيجلس أبو مجحم ويحمد اللّه على كل حال.

وحينما عادوا كانت أم مجحم قد أولمت للقواصيص ، فيأخذ أبو مجحم عيده ويوصلها للبيت ويوصي أمّها بها فهي غاليته ، ثم يأخذ السمن البلدي ويصبّه على الوليمه تقديراً لضيوفه وحمداً لله على قصاص أغنامه على خير.

أمّا جزز الصوف فتأخذ أم مجحم منها ما تحتاج لصنع الوسائد ( المخدات) واللحف والفراش ، حيثُ يتم وضع ما يعادل ستة أرطال من الصوف في تلك الفرش أو اللحف ، فعندما ينام الشخص لا يشعر بالبرد أبداً.

كما يجري العادة تجهيز العروس من هذا الصوف بعمل الوسائد والفرش واللحف اللازمة للبيت الجديد.

أمّا أبو مجحم فقد حمد اللّه على سلامة إبنته وعلى التمام على خير ، ثم أخذ ب (رَسَن ) دابته و ( دَرّهَشَ) لغنمه (أي ناداها) للمرعى ، فسارت خلفه وهي تتقافز فرحاً فقد خفّ وزنها وتنفست روحها .

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/17 الساعة 01:44