راصد.. أسئلة بلا حدود

الرصد والتقویم وظائف مهمة نتعرف من خلالها على الإجراءات والأعمال التي یتم تنفیذها وقیاس درجة فعالیتها وانعكاسات ذلك على واقع المجتمع. في الادارة والتعلیم والعمل السیاسي وانفاذ الخطط والمبادرات ومختلف النشاطات تبرز الحاجة إلى اجراء الرصد للجهود المبذولة من حیث ماهیتها وتوقیتها وتكرارها وفعالیتها وكلفتها وملاءمتها والقائمین علیها وآثارها. في كل الاحوال تقدم نتائج الرصد مؤشرات مهمة للادارة والجمهور والباحثین عن مدى النجاح الذي حققته المؤسسة في الوصول إلى الاهداف وتكشف عن طبیعة العقبات والعوائق والاخطاء التي قللت من فرص الوصول إلى الاهداف أو حالت دونها.

السنوات الأخیرة من عمل المجالس البرلمانیة مختلفة عن ما كانت علیه في عقود مضت. فالجمیع یعمل تحت وابل من الاسئلة وموجات من النقد المهني والشخصي.

اتهامات الفساد والتقصیر واستغلال الموقع ونقص الكفاءة تطال معظم من یشغلون المواقع العامة كلما جاء الناس على سیرة المجالس والانتخابات أو ارتفعت الاسعار أو اخطأت الحكومة.

بعض الاتهامات والشكاوى لها ما یبررها لكن الكثیر منها یتم جزافا ودون وجود اسباب واضحة للاتهام.

الكثیر من الجهات الدولیة ابدت اهتمامها بتطویر العمل البرلماني وتقدیم الدعم لتحسین ممارسات صیاغة التشریعات والرقابة وادارة الجلسات والیات التصویت واداء النواب في اللجان فعقدت الدورات والورش وقدمت الاسناد التكنولوجي وجرى تجهیز القاعات بالتكنولوجیا التي تمكن النواب من التصویت الآلي وامانة المجلس من التعرف على عدد الاصوات بطریقة الیة تخفف الجدل الذي یتلو بعض الجلسات حول الیة احتساب الموافقة والرفض.
خلال هذه الفترة ظهر مركز راصد كأحد المؤسسات الجادة التي تعاونت مع الممولین وشاركت في تنفیذ بعض برامج التطویر لتصبح إحدى أذرع القیاس للاداء البرلماني وتسلط الضوء على كمیة ونوعیة المشاركة للنواب في تنفیذ المهام والواجبات الموكولة للمجلس من خلال تقاریر دوریة حول اعداد الجلسات ونسب حضور النواب لها وتكرار المداخلات والمواقف المتخذة من قبل كل منهم حیال القضایا المطروحة وعدد الاسئلة ونسبة المجاب علیه منها والمدة التي استغرقتها الاجابات وغیرها من اعمال التشریع والرقابة.

ما من شك ان المركز قدم خدمات مهمة وأنتج مادة غنیة مكنت الكثیر من وسائل الاعلام والناخبین من التعرف على أداء ممثلیهم ومواقفهم الفعلیة بعیدا عن الانطباعات التي غالبا ما تتشكل بجهود الدعایة والتلمیع التي یحرص البعض على بذلها بوسائل مختلفة.

منذ أیام أصدر مركز راصد تقریرا جدیدا حول أداء الحكومة ونشاطات الوزراء اشتمل على عدد النشاطات التي قام بها كل منهم و تحدث عن عدد الزیارات التي قام بها الرئیس والوزراء إلى الخارج و عن الوزراء الذین دخلوا الحكومة وخرجوا في التعدیلات.

على أهمیة المؤشرات الكمیة التي اشتمل علیها التقریر ورصدها وتقدیم النتائج للقارئ والمهتم إلا أن هناك صعوبة في فهم دلالة المؤشرات المستخدمة فلم أفهم تماما إذا ما كان عدد زیارات الوزراء للخارج الذي قال التقریر انها وصلت إلى 238 زیارة خلال عام هو مناسب أو غیر مناسب أو ضروري او غیر ضروري فربما أن الحاجة إلى الزیارات قد ازدادت عن ما كانت علیه أو قلت. ولا أعرف اذا ما كان المطلوب من جمیع الوزراء ان یقوموا بلقاءات میدانیة وزیارات وما الذي یمكن ان یقوم به بعض الوزراء كالخارجیة والتعاون الدولي والمالیة وشؤون رئاسة الوزراء من اللقاءات المیدانیة.

لا أعرف اذا كان من المناسب عرض هذه المادة دون مناقشتها في اطر تبین التوقعات والمهام والادوار التي یقوم بها الوزراء فالمادة غنیة ومهمة لكنها لا تتعدى بیانات بحاجة إلى معالجة لتصبح معلومات والكثیر من التحلیل لتستخدم في تقییم عمل الحكومة وقیاس اداء الوزراء.

الجهود التي یقوم بها المركز مهمة لكن الخطورة تأتي من امكانیة استخدام بعض النسب والارقام المنشورة كمادة للاتهام والهجوم على المؤسسات والقائمین علیها على اعتبار انها بیانات ادانة لما یقومون به، بدون تحدید مؤشرات معیاریة لما ینبغي ان یقوم به النائب والوزیر وعرضا لمحتوى الادوار تبقى البیانات مادة وعتادا قد یستخدم للمزید من الاتهام والتجریح.

الغد