الدِّين وكرامة الإنسان

الإنسان هو المخلوق الذي كرّمه الله تعالى، وفضّله على كثير مما خلق تفضيلا، وقد أمر الله ملائكته بالسجود تكريمًا لآدم عليه السلام أبو البشر، مما يشير إلى عظمة منزلة هذا الإنسان عند الله سبحانه وتعالى.
لذلك جعل الله قتل النفس الإنسانية الواحدة كقتل جميع البشر، وإحياءها كإحياء كل البشر، فقال الله تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) ونحن نعلم أنّ (حقّ الحياة) هو الحق الأول والأهم من حقوق الإنسان.
الأديان إنما جاءت لتحافظ على حياة الإنسان، وعقله، وماله، وعرضه، ومن خلال ذلك يتحقق الأمن والأمان، أما إذا انتُهك حقّ الإنسان بواحدة منها فسيعمّ الظلم والفوضى في طول البلاد وعرضها. لذلك كان لزامًا على كلّ دولة أن تعمل على الحفاظ على أديان الناس، وأبدانهم، وأخلاقهم، وأموالهم، وأعراضهم، وعقولهم، لتنعم البلاد وأهلها بالأمان والسلام؛ ولأن المحافظة عليها ليس حقا للإنسان فقط، بل هو فريضة من الفرائض الدينية.
ومن أعظم الأمور التي ينبغي على الدولة أن تحافظ عليها (كرامة الإنسان) فكل إنسان خلق مكرّما، فلا يجوز الحط من كرامته، وانتهاك حقوقه كإنسان، لأن انتهاك الحق شكل من أشكال سلب الكرامة، وهو أمر لا يقبله الإنسان ولا الشريعة ولا مواثيق حقوق الإنسان، فالإنسان خلق مكرّما ويجبُ أنْ يظلّ مكرّما؛ ليقوم بوظيفته في عمارة الكون على خير وجه.
إن بعض الممارسات القمعية التي تمارسها بعض الأنظمة (الديكتاتورية) تجاه أبناء شعبها تشكل انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، حيث يسجن البعض دون محاكمة، ويحرم البعض من حقه في الغذاء أو الدواء، ويمنع البعض من السفر دون عذر، ويُفصل البعض من وظيفته دون سبب، وغير ذلك من ممارسات لا تراعي حقوق الإنسان، وتجعل منه لعبة بيد أبناء السلطة الظالمة، وعندها سيصبح الإنسان رخيصا، ولو مات من الرعية ألف أو أكثر، لن تنظر تلك الأنظمة إليهم إلا كأرقام في صفحة الوفيات.
الدستور