اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

انتحار جن أردني!

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/14 الساعة 14:10
مدار الساعة,ثقافة,اردن,مال,الاردن,جرش,نادرة,الأردن,تقبل,معان,أخبار,عمان,مخيم البقعة,صورة,وزير,رئيس,

بقلم: المحامي بشير المومني

بعد استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية بدأت ثقافة المنتصر باجتياح الأمة اليابانية فقام أحد المفكرين اليابانيين بالانتحار على طريقة الهاراكيري وفقا لتقاليد الشرف لدى الساموراي احتجاجا على الغزو الفكري والحضاري لليابان ..

اليوم جن يجتاح الهوية!! هل يبتعد كثيرا عن وصف حالة وحقيقة مجتمع جرى تمييعه ليصفنا بكل ما فينا؟ حقيقة لا ادري ولكن ما اعرفه جيدا اننا لم نعد اولئك النشامى التي غنت لهم يوماً سميرة توفيق ..

قبل قليل كنت استعرض الاثاث المنزلي .. كنب تركي .. طقم مصري .. طقم سوري .. طقم خليجي .. الخ وقد حاولت عبثا البحث عن طقم أردني .. لم أجد ..

زيارة أردني حقيقي لأي مول تجاري للفرجة لا تبتعد كثيرا عن مفردات الميوعة الوطنية فالسلعة لا تكاد تجدها اردنية أما مستهلكها فمفردات (هظيك القظامة مبكتة .. الحليت سميط من نفخ الهوا .. هريها علبة التتن) لا تجدها وانما لهجة شامية او عراقية او عتال مسخم عنك يا بيه ازاي كده .. نعم فلقد جرى انهاء دكانة ابو فتحي لصالح الرأسمالية والطبقية العفنة مما يستدعي تحولاً اكيداً حتى لدى الاردني المستهلك لا الزائر فحفيظة اصبحت توتو وام خلف هي اليوم ام جون ولا يكتمل مشهد التعجب من وجود راس جميد كركي او لبنة جرشية من تعابير واااااااو شو اوريجينال يااااي شو طعم كيونت بجنن .. أما صرعة المول فقد يصل بنا الحال يوما ليصبح السحب على هدية نادرة الوجود (جاعد) ..

بصراحة متناهية لقد حرم التاريخ على الأردني وعزلت اجياله عن ماضيه وحضارته وثقافته وجرى تغريبه في وطنه ولم يعد هنالك أي رابط حضاري ما بين ماضيه ينقله بنكهة وطن إلى المستقبل باستثناء المنسف الذي لم تعد تعرف الأجيال عنه آدابه ومعانيه وعاداته وحتى مصدره فلا نرى سوى أقوام تلهط الطعام وتذهب للحمام..

لا تحتاج لتفكيك وطن وهوية سوى لتغريب الجيل وقد نجحوا أما من هم الذين نجحوا فلم نعد نجرؤ حتى على الكلام (...).

بواعث الانتحار في وطني كثيرة.. لقمة خبز.. هزيمة الذات.. فقدان الأمل بمستقبل أفضل.. التلفزيون الاردني وأخبار الساعة 8 .. المرور بجانب مجلس الأمة.. الاحتيال الحكومي على الشعب.. الأحزاب والتنظيمات .. أقساط المدارس.. الصنايعي الذي أصلح سيارتك.. مراجعة أي مؤسسة حكومية .. رحلة لأطفال عجلون لمشاهدة كوكب دابوق .. والجن ايضا كمشروب او مسلسل لا فرق فهو ينير العقل بمقدار اذهابه باعتباره من انتاج تغريبة عمان لا عمان الغربية واتحدى اذا كان هذا المنتج مصدره شاب من مخيم البقعة يضع صورة خليل الوزير او من انتاج فتاة من حي الطفايلة تضع صورة شقيقها العسكري لجانب صورة وصفي التل ..

نعم كل شيء تقريبا في الأردن يدفعك للانتحار الذي بات مبررا ومحل بحث في الاسباب والدوافع باستثناء ابتسامة طفلة .. أو دعاء أم .. أو صديق يخفف عنك .. لكن ما هو مؤسف انه حتى الانتحار ليس بنكهة حضارية أردنية بل هو تقليد لحضارة الغير ..

اليوم كل اردني اصبح جن وهو من عالم مختلف لا يفهم تراكيبه وألغازه من يمسك بمفاصل الدولة ويحق لنا بالنتيجة احتجاجا على الفجوة الحضارية والثقافية وتبديلات واحلالات الهوية ان ننتحر لكن لاننا شعب (دقر) اقترح ان نبتكر طريقة أردنية للانتحار مثل إنهاء الحياة تحت عجلات الروفر العسكري أو القفز داخل بئر أو الدفن تحت سنسلة على انغام جرة الربابة وصوت عبده موسى والمنتحر يضع صورة لرئيس الحكومة وكشف بالديوناً في محفظته..

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/14 الساعة 14:10