اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

الأحزاب.. مشیخات أم أدوات تغییر؟

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/23 الساعة 01:49
مدار الساعة,اقتصاد,ثقافة,صورة,الأردن,

المجتمعات العربیة أبویة السلطة متعددة التنظیمات تتجاذبها نزعة المحافظة ورغبات الاجیال في التغییر. باستثناء حالات معدودة ما تزال البنى الاجتماعیة التقلیدیة مسیطرة على تفكیر ووجدان الفرد وموجها رئیسیا لسلوكه الاقتصادي والاجتماعي والسیاسي. فالقبیلة والدین والانتماءات الجهویة عوامل مهمة في تحدید میول وانتماءات وخیارات الافراد الاستهلاكیة والتفاعلیة والانتخابیة.

على امتداد الأرض العربیة وبالرغم من تجدد المحاولات للثورة والتغییر بقي الانسان العربي الأبعد عن المشاركة السیاسیة والاقل قدرة على بناء انظمة سیاسیة ذات صبغة تعددیة تمكن الافراد من المشاركة والتعبیر في احزاب وتیارات تمثل افكارهم وتوجهاتهم ومواقفهم السیاسیة.

العشرات من المحاولات والثورات التي قام بها المصلحون والمفكرون والرواد والجماعات المؤمنة بالتغییر تم اجهاضها قبل ان تكمل برامج البناء والتنظیم والتحدیث التي انطلقت من اجلها. الدین والقبیلة والسلطة عوامل مهمة في اضعاف المبادرات والمحاولات التي انطلقت منذ اكثر من قرن من الزمان.

بالرغم من التوافق الظاهر على اهمیة الاحزاب وضرورة الدور الذي تنهض به كمنابر للتعبیر عن الارادة العامة ووسائل للمشاركة في احداث التغییر الواعي وفرض الرقابة الضروریة لتجوید اداء من یقومون بالادارة والحكم باسم الشعب إلا أن الایمان بأهمیتها والانضمام لصفوفها والتأثیر الذي تحظى به على الحیاة السیاسیة للافراد والمجتمع ومسیرة البلاد ما یزال محدودا ان لم یكن معدوما.

الضعف الذي تعاني منه الاحزاب والتشكیك الذي تتعرض له عائد لأسباب بعضها موضوعي والآخر ذاتي. من الناحیة الموضوعیة لا یحمل مصطلح الاحزاب في الثقافة العربیة دلالات ایجابیة فقد ارتبط المفهوم بالجیوش التي شكلتها القبائل العربیة لغزو المدینة المنورة ومهاجمة المسلمین في إحدى أهم الغزوات التي تغلب فیها المسلمون على الكفار ومعهم الیهود، لذا ظل هذا المفهوم مشبعا بالرمزیة التي تم استغلالها لاحقا من قبل القوى المحافظة للتحریض على الاحزاب في الخطاب الدیني والمناسبات المختلفة باعتبارها قوى شریرة تقف في وجه الخیر والفضیلة والاستقرار.

الى جانب الصورة الذهنیة للأحزاب العائدة إلى احداث فجر الاسلام وفي سیاق ایماني وروحي قبل 1400 عام اعتبرت الاحزاب القومیة والدینیة والاممیة التي تأسست في مطلع القرن العشرین كقوى نضالیة تسعى الى التحرر ومقاومة المستعمر تنظیمات نخبویة فاعلة استفادت من انجازاتها الدول والانظمة الولیدة قبل ان تعلن الانقلاب علیها ومعاداتها وتصنیفها كقوى خطرة ینبغي تحیید تأثیرها على المجتمع ومسیرته ومنعها من البحث في أوضاعه.
في الأردن اتسمت العلاقة بین الاحزاب والدولة بفصول من المد والجزر ففي خمسینیات القرن الماضي نشطت الاحزاب وقدمت برامج سیاسیة خاضت على اساسها الانتخابات وحققت نجاحات كبیرة خارج الحدود المناطقیة للمرشحین كما فعل یعقوب زیادین، وشكلت حكومة سیاسیة برامجیة ما لبثت ان استقالت وادخل اركانها المعتقلات كما حدث مع حكومة سلیمان النابلسي. كنتیجة لهذه التجربة اتجهت العدید من الاحزاب البرامجیة للعمل السري تحت
شعارات وطنیة واممیة ودینیة متنوعة في حین استمرت جمعیة الاخوان المسلمین في العمل العلني باعتبارها تنظیما حلیفا لا یحمل في برامجه واعماله تهدیدات جوهریة.

البیانات الاخیرة تتحدث عن اكثر من خمسین حزبا مرخصا واكثر من ربع هذا العدد في طور الترخیص. في النظام السیاسي الأردني لا توجد مساحة حقیقیة للاحزاب فلا ذكر للاحزاب في الدستور ولا حضور واضح لها في اقرار ما یجري او التعبیر عما یحدث محلیا واقلیمیا.

المطالبات التي تتقدم بها الاحزاب للدعم وافساح المجال لها للمشاركة في الانتخابات والحكومات تصطدم بالرفض على ارضیة ضعف الانتساب والاقبال وتكلس برامج وخطاب العدید منها اضافة الى افتقار هیاكلها وكوادرها وقیاداتها للتنوع والتداول فقد استحوذ بعض المؤسسین والورثة على مواقع رئاسة الحزب وامانته العامة لعقود دون التفكیر في استقطاب قیادات وكوادر جدیدة او تحدیث في الافكار والطروحات بما ینسجم مع التحولات والتحدیات التي تشهدها البلاد.

مع الاعتراف بسعي البعض الى التغییر والتحدیث والمشاركة الهادفة الا ان غالبیة الاحزاب الأردنیة الجدیدة وقیاداتها لا تعدو مشیخات صغیرة یؤسسها اصحاب رؤوس اموال ومصالح لتعزیز فرصهم بالحضور في المشهد السیاسي وحمایة مصالحهم الاقتصادیة.

المشكلة التي تعاني منها الاحزاب ستستمر ما لم یوجد لها دور في الحكم یحدده الدستور وما لم تتغیر اتجاهات وتصورات الناس حول الأحزاب وأهمیتها وقدرتها على التأثیر. التجربة الحالیة للأحزاب لا تشجع على الاقبال ولا تبعث على الامل في تغییر علاقة المواطن بها.

الدستور

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/23 الساعة 01:49