اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

كيف تفكر الحكومة؟

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/12 الساعة 00:37
مدار الساعة,الأردن,قائمة,نواب,عمان,معان,مال,اقتصاد,شركات,قانون,الكرك,شباب,تقبل,العرب,

دون جراحة مفصلیة للواقع الأردني بإصلاحات تتجاوز الترتیبات القائمة وتقفز على كل المصالح الفردیة والفئویة فإن الامر سیظل على ما هو علیه

من یتابع ما یجري في الأردن هذه الایام یصاب بالذهول. فالحكومة في واد والشعب ومشكلاته في واد آخر. على طول البلاد وعرضها تتوالد الازمات بمتوالیة هندسیة بعضها مرتبط بالبطالة والآخر بتعیینات اشقاء النواب واخرى نجمت عن ترشیح الوزیرة المقالة الى موقع جدید وتعیین ّ البعض خارج شروط المنافسة. المحافظات تعلي صوتها. الشارع العماني تحت وقع المعاناة التي عایشها تجار قاع المدینة جراء الامطار الاخیرة وما اظهرته من ضعف في الاستعداد للتعامل مع ابسط انواع الازمات والكوارث الطبیعیة الامر الذي اغضب التجار وفتح الباب للاسئلة حول این تذهب الموارد المالیة التي یجري تحصیلها من قبل الدولة والبلدیات والامانة.

الحكومة تتعاطى مع الازمات والتحدیات بطرق واسالیب لا تبدو مناسبة لطبیعة هذه الازمات ولا تساعد على حلها او حتى تطویقها والحد من اثارها. في الشارع الأردني عشرات من الاسئلة حول السیاسة والاقتصاد ومالیة الدولة والادارة والخدمات والهدر وملكیة بعض الشركات والتعامل مع الفساد وسیادة القانون. وهناك استغراب حول اصرار الحكومات على حمایة بعض المؤسسات غیر الفاعلة ووضع القیود على بعض الانشطة التي یمكن ان تحدث
الانفراج الاقتصادي وتخفف من اعباء الحیاة وتولد الفرص.

في الطفیلة ومعان والكرك والبادیة وفي كل مكان یستغرب الناس كیف لا یسمح لهم بالاستثمار في تولید الطاقة الكهربائیة من الشمس والریاح بحجة ان الشبكة لا تستوعب وكیف تسعر الدولة الطاقة المولدة من قبل الاهالي بـ12 فلساً وتبیعها لهم بأكثر من عشرة اضعاف هذا السعر.

الشعور العام لدى الناس بأن الاجراءات التي تتخذها الحكومة في التعاطي مع مشاكل البلاد الاقتصادیة والاداریة وحتى السیاسیة غیر مجدیة ولا مناسبة وربما یذهب البعض لوصفها بالمعیقة لأي انفراج او تقدم. فالاستثمار لا یشجع بالخطابات وحفلات الاستقبال وزیارات الوفود وحملات الدعایة بل یحتاج الى إجراءات تحفیزیة على الأرض.

في مواجهة ازمة التشغیل ما الذي یمنع الحكومة من إنشاء شركات كهرباء في المحافظات تولد طاقة تسد حاجات هذه المناطق وتزود المستثمرین بطاقة كهربائیة بأسعار التكلفة لكي یأتي كل من یرید ان یستثمر دون سمسرة وشراكة استراتیجیة وتحت شروط تمكنه من المنافسة وتؤدي الى خلق فرص العمل التي یبحث عنها الشباب ولا تستطیع توفیرها الحكومة.

الاصرار على حمایة شركات الكهرباء القائمة والمصفاة واسالیب استیراد الطاقة وادارة مصادرها والاستثمار فیها مسائل معقدة ومركبة وغیر مفهومة بحیث انها تحولت الى قضایا وشعارات یرفعها المحتجون والمعتصمون.
من الوجهة الاخرى تستغرب وانت تستمع الى اعضاء الحكومة وهم یسردون انجازاتهم في الاصلاح الاقتصادي والضریبي والاداري بحیث انهم حازوا على اعجاب المؤسسات الدائنة واقنعوا العالم بجاهزیة الأردن للانطلاق فیقتبسون من خطاب رئیس الحكومة قوله ”اننا قبل آلاف السنین نجحنا في صناعة الخبز“.


مهما تكن انجازات الحكومة في مؤتمر لندن ومع البنك الدولي والمؤسسات المانحة ومهما كان تمرین العلاقات العامة الذي قامت به الحكومة في مؤتمر لندن ناجحا فإن الشارع الأردني لم یلمس أیا من هذا النجاح فقد فقد قناعته بقدرة المسؤول الأردني أیا كان على اجتراح الحلول للمشكلات القائمة ففي كل مرة تتصدى فیها المؤسسات لمشكلة بسیطة تتفاقم هذه المشكلة فتتحول الأزمة الى فضیحة.

لقد حصل ذلك في البحر المیت وفي الدخان وفي تعیینات اشقاء النواب وحوار قانون الضریبة وطریقة معالجة الباحثین عن عمل وغیرها من الازمات.

في التاریخ الأردني تجارب یمكن الافادة منها فقبل ثلاثة عقود مر الأردن في ما یشبه الازمة عندما تحرك الشارع الجنوبي وطالب الناس بالاصلاحات فاستجابت الدولة واجریت الانتخابات وحدث الانفراج الذي أعاد للناس الثقة بالدولة والمؤسسات والمستقبل. بعد هذه الاحداث انتعشت الحریات ونشط الاعلام وانخفض مستوى الاستفزاز وزادت ثقة الناس بالحكومة والنواب والقضاء وتفتحت شهیة الجمیع نحو العمل الحزبي وتأسیس الجمعیات والمراكز البحثیة. في تلك الفترة كان الانسجام واضحا بین الدولة والشارع الأردني مما مكن الأردن من تجاوز آثار المواقف السیاسیة الغیر منسجمة مع موقف الولایات المتحدة ودول الخلیج العربي.

دون جراحة مفصلیة للواقع الأردني بإصلاحات سیاسیة واداریة واقتصادیة تتجاوز الترتیبات القائمة وتقفز على كل المصالح الفردیة والفئویة فإن الامر سیظل على ما هو علیه، ولن تفید كل الحلول الترقیعیة واستراتیجیات الاحتواء والتسكین التي أدمن البعض علیها.

الغد

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/12 الساعة 00:37