جماعة عمان لحوارات المستقبل في حضرة الملك

شرفنا قائد الوطن, جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في جماعة عمان لحوارات المستقبل, بلقاء طويل, كان ثرياً بالنقاش والحوار اللذين هما سنة هاشمية, زودتنا بالكثير من التوجيهات الملكية, مثلما زادتنا بالمزيد من الإصرار على مواصلة نهج العمل الجماعي الذي ارتضيناه لأنفسنا, وباركه جلالة الملك سبيلاً لخدمة بلدنا, مثلما زودنا لقاء جلالته بالأمل والثقة بالغد, فجلالته مصدر للثقة والطاقة الإيجابية يشحن بهما كل من يلقاه.

ومنذ أن انتشر خبر لقاء جلالته بجماعة عمان لحوارات المستقبل ظهر يوم الخميس الماضي ونحن نتلقى سيلاً من الأسئلة والاستفسارات عن الجماعة, ولماذا التقى بها جلالة الملك, وماذا دار في اللقاء, وغيرها من الأسئلة التي سنحاول الإجابة عليها وأولها من هي جماعة عمان لحوارات المستقبل؟.

الإجابة على هذا السؤال تكمن في تعريف الجماعة كما قدمتها لجلالته قائلاً: نقف اليوم بين يدي جلالتكم, هذا الصباح كتيبة من جنود الوطن, سلاحها الكلمة والقلم تخوض بهما معركة الوطن, في واحد من أصعب الميادين, هو ميدان المفاهيم والقيم التي تنعكس سلوكاً, فقد تعاهدنا في جماعة عمان لحوارات المستقبل على أن نتصدى للظواهر السلبية, والأمراض الاجتماعية التي انتشرت في مجتمعنا, وصارت معيقات أمام تطوره, على أن نبدأ التغيير من أنفسنا في هذه الجماعة, فغادرنا ساحة الأنا والفردية, والسعي لتحقيق المكاسب الشخصية, ومربع المكائد وأسلوب تصفية الحسابات الشخصية, الذي طالما أفشل العمل العام وفتك بالكفاءات, واستبدلنا كل ذلك بالعمل بروح الفريق, وتسلحنا بمزايا العمل الجماعي, الذي مكننا من توظيف التعددية في الكفاءات والتخصصات والأفكار والاتجاهات لتكون هذه التعددية مصدر قوة وإثراء لعملنا في الجماعة, لا مصدر فرقة وخلاف وتشرذم, لذلك يقوم عملنا على التكامل بين مختلف قطاعات المجتمع وتخصصاته.

ولأننا نعمل بروح الفريق فقد غادرنا مربع القضايا الشخصية لنتبنى القضايا العامة, كما غادرنا مربع النظرة السوداوية المتشائمة التي نمت في مجتمعنا آفات جلد الذات, والتشكيك بكل شيء, والاكتفاء بالنظر إلى الجزء الفارغ من الكأس, غادرنا ذلك كله إلى مربع الأمل نزرعه, والعمل نحث عليه, وندعو للنظر إلى الجزء الممتلىء من كأس الوطن, سعياً إلى المساهمة في ملئه كاملاً.

وغادرنا مربع التشكيك وجلد الذات والدوران في حلقة التفسير السلبي لما يجري في بلدنا, إلى مربع بناء الثقة بالنفس والوطن, وإلى مرحلة البحث عن العلاج واقتراح الحلول لمشاكلنا كما هي, لا كما يتوهمها البعض ويضخمها, متطلعين إلى أن نتجاوز مرحلة العلاج للوصول إلى مرحلة الوقاية من الأمراض, فإذا كانت أجهزتنا الأمنية قد نجحت في تفكيك خلايا الإرهاب, فإننا نعمل على تحصين مجتمعنا ضد الفكر المتعصب المولد للإرهاب, وفي هذا الإطار أصدرنا مبادرة أمة واحدة في مواجهة فتنة التكفير باللغتين العربية والإنجليزية وبرنامجها التنفيذي الذي تنفذه في مختلف مناطق بلدنا الحبيب, كما أصدرنا مبادرة تعزيز دور الأئمة ومكانتهم, وبرنامج الكنيسة ودورها في تحصين المجتمع كما أعددنا خطة لتطوير الخطاب الديني.

وغادرنا مربع المطالبة بالحقوق إلى مربع أداء الواجب, وفي هذا المجال فإننا نمارس قناعتنا بأهمية مصارحة الناس بأدوراهم, مهما كانت هذه المصارحة قاسية, فمثلما أننا نؤمن أن الدول لاتدار من المقاهي, وأن قراراتها لا تُتخد في الشوارع, فإننا نؤمن بأن الشعبويه ليست طريق لبناء الأوطان, بل أثبتت التجارب أنها تعمق الأزمات, خاصة عندما لا نصارح الناس بأدوارهم في صناعة هذه الأزمات, ثم بمسؤوليتهم بالخروج منها, فالكثير من أزماتنا تفاقمت بسبب اختلال سلوكنا الاجتماعي, فالإسراف والتبذير من أسباب تفاقم أزمتنا الاقتصادية, وأخطر منهما تدني الإنتاجية, فلا دولة منتجة بلا إنسان منتج, وفي هذا الإطار أصدرنا وثيقة التماسك الاجتماعي وبرنامجها التنفيذي ونعمل على تطبيقه في مختلف أنحاء المملكة, كما أعددنا مشروع منهاج التربية الأخلاقية للمرحلة الإلزامية, وهو في مرحلة الصياغة النهائية. وباشرنا بالإعداد لوثيقة السلوك الاقتصادي للأفراد والمؤسسات وهذه كلها تصب في بناء قيم الإنتاج التي تعمل الجماعة على نشرها فقد كان عهدنا في جماعة عمان لحوارات المستقبل أن يكون الإنجاز هويتنا, التي نقدم بها نفسنا إلى وطننا, فحرصنا منذ لحظة إنطلاق عمل الجماعة إلى ترجمة العهد إلى حقيقة ملموسة على الأرض, فتحولت الجماعة إلى خلية عمل متواصل, حتى إذا دخلت عامها الرابع في 5/5/2018 كانت قد قامت بـ 293 إنجازاً غطت من خلالها معظم مناطق الوطن والتقت مع معظم شرائحه السكانية والاجتماعية (في الجامعات, والجمعيات, والدواوين والمضافات)تنشر الوعي وتصحح المفاهيم, وتحث الناس على الالتفاف حول وطنهم وقيادتهم, ووفاء منها لوطنها وقائدها, فإن الجماعة تواصل مسيرة الإنجاز, وبين يديها حزمة من المشاريع الجاري تنفيذها, مستئذناً جلالتكم بوضعها بين يديكم الكريمتين طمعاً بمباركتكم السامية لها".

هذه هي جماعة عمان لحوارات المستقبل التي التقاها جلالة الملك وللحديث بقية. الرأي
Bilal.tall@yahoo.com