اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

إصلاح أخلاقي

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/30 الساعة 00:24
مدار الساعة,الأردن,مال,الكرك,وزير,مناسبات,الموظفين,إعلان,شركات,يعني,اقتصاد,

سيجد كل من يقرأ في تاريخ الإدارة العامة الأردنية أيام عزها ومجدها، وكذلك سيجد من يقرأ سير الرجال الذين تولوا مواقع قيادية في هذه الإدارة، أنه كان لهذه الإدارة شروطها وأخلاقياتها وآدابها التي كانت تحفظها من كل سوء، وأول سوء كانت الإدارة حريصة على حماية نفسها ورجالها منه هو الحذر من الشبهات وسوء السمعة، لذلك كانت أجهزة الرقابة شديدة وحاضرة بقوة في المشهد العام، ولم تكن هذه الأجهزة تكتفي بالرقابة على حركة المال العام والإنفاق منه وأوجه هذا الإنفاق، حتى لوكان هذا الإنفاق بالفلس، وكل من يرجع إلى وثائق الدولة الأردنية والمخاطبات بين دوائر الإدارة العامة سيجد مخاطبات تلاحق أوجه صرف لا تتعدى بضعة قروش، صرفت لشراء برتقال وأكواب شاي، لضيافة ملك البلاد أثناء زيارته لثانوية الكرك، ولأن البرتقال لم يقدم لجلالته كما لم تستخدم كاسات الشاي مما استدعى سلسلة من المخاطبات لمعرفة أسباب ذلك, حفاظاً على المال العام، ودفعاً للشبهات عن أصحاب العلاقة أبتداء من وزير المعارف وصولاً إلى العاملين في المدرسة، هذا مجرد نموذج من مدى الحرص على المال العام الذي كانت تتمتع به الإدارة العامة الأردنية ورجالها.

وبالتوازي مع الحرص على المال العام كان الحرص على سلامة سلوك رجال الإدارة العامة وأخلاقهم, ويكفي المرء أن يتصفح الآثار الكاملة للملك المؤسس, ليعرف على أي أسس أخلاقية قامت الإدارة العامة الأردنية، وهي أسس كانت تشكل قواعد أخلاقية تحكم سلوك العاملين فيها، فكان الواحد منهم يتخلى عن الكثير من عاداته وممارسته الشخصية طالما هو في المواقع العام، خوفاً على نفسه من الشبهة وقبل ذلك من المحاسبة، وكان ظهور رجال الدولة في المناسبات غير الرسمية شبه معدوم، أو يكاد يكون على أضيق نطاق من أقرباء الدرجة الأولى، ودائرة الأصدقاء المقربين، حتى لا يتعرض أحدهم لموقف فيه شبهة أو يجالس مشبوهاً, لذلك كان المسؤول الأردني لا يستجيب إلا نادراً للدعوات والولائم، وحتى عندما كان يستجيب لدعوة شخص يعرفه، ويعرف تاريخه وتاريخ أهله، كان يتحرى عن الحضور حتى لا يكون بينهم صاحب سمعة سيئة أو مصدر شبهة للمسؤول.

كان ذلك أيام عز الإدارة الأردنية ورجالها الكبار، قبل أن يتولاها صنف من الموظفين يصدق فيهم وصف عمرو بن العاص "يجمعهم طبل وتفرقهم عصى" ومع هذا الصنف من الموظفين لم نعد نستغرب أن يتحول بعض من يصنفون على أنهم رجال دولة إلى أدوات للدعاية والإعلان لهذه الشركة أو تلك من الشركات التي تحسن تنظيم الولائم والسهرات، وأن نرى كبار المسؤولين على موائد محدثي النعمة من همل الناس, حتى وصل الأمر بأحدهم أن أجاب من سأله عن ضيوفه بقوله " شوية... وشوية.. وشوية.." وعدد كل المواقع العليا بالدولة، مما يبين إلى أي حد وصل التفلت من هيبة الموقع العام،وهو تفلت لم يعد مستغرباً معه أن يتمكن شخص مثل المشتبه به الأول في قضية الدخان "عوني مطيع" من أن ينسج هذه الشبكة الواسعة من العلاقات, مع هذا العدد الكبير من المسؤولين على مختلف المستويات، فقد كان الرجل يمتلك ما هو أعلى صوتاً من "الطبل" الذي يجمع من وصفهم عمرو بن العاص، كما كان يقدم ما وراء الطبل، في هذه الأيام التي نتحدث فيها جميعاً عن انهيار منظومة القيم، وفي مقدمتها قيم وأخلاقيات الوظيفة العامة، مما يعني أننا بحاجة إلى إصلاح أخلاقي، يؤسس للإصلاح الاقتصادي والسياسي, وبغير هذا الإصلاح الذي يحصننا ضد كل الإغراءات فسيظل بلدنا تربة خصبة لأمثال عوني مطيع. الرأي

Bilal.tall@yahoo.com

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/30 الساعة 00:24