اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

أديان الأردنيين وثقافاتهم وعشائرهم ، كلها قيم إنسانية .. فأين الخطأ ؟

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/19 الساعة 20:02
الأردن,مدار الساعة,اقتصاد,قائمة,ثقافة,قانون,تقبل,المنح,الهاشمية,الدين,إسلامي,اليرموك,

إيليا أيمن الربضي "رغمَ أنّ الشّرقَ الأوسَطَ أرضٌ خصبةٌ بالحضاراتِ القديمةِ , نتجتْ عنها أديانٌ متعدّدةٌ و ثقافاتٌ مختلفةٌ و علومٌ شتى .. إلا أنّ وضعَ هذهِ المنطقةِ اليومَ محزنٌ كئيبٌ تسودُهُ الحروبُ , و تشوبُهُ التشنُّجاتُ , و تغلبُ عليهِ الانقساماتُ , أحوالُهُ متردِّيةٌ من كلّ الجهاتِ الفكريّةِ و السياسيّةِ و الاقتصاديّةِ ! و لعلّ العاقلَ يسألُ نفسَهُ : ما سببُ هذا التردّي و الضياعِ و الانقسامِ الذي تعيشُهُ المنطقةُ ؟! لعلّ محاولةَ الإجابةِ تحتاجُ إلى الكثيرِ من الجهدِ , و قَدْ تُوَفَّقُ و قد لا تُوَفَّقُ .. لكنّها محاولةٌ على أيّةِ حالٍ.

قبلَ أن يسعى المرءُ في هذهِ المنطقةِ إلى الاستقرارِ السياسيّ و الاقتصاديّ عليهِ أن يسعى أولاً إلى تحقيقِ مُناخٍ فكريّ معافىً من الأمراضِ التي تراكمتْ على العقلِ الجمعيّ لشعوبِ هذهِ المنطقةِ ! و حالُ هذهِ الشعوبِ كحالِ غيرِها من الشّعوبِ , مرّتْ بفتراتِ نهضةٍ و فتراتِ انحطاطٍ و مراحلِ اقتتالٍ .. إلخ . و الشعوبُ التي تتربَّعُ على رأس التقدُّمِ في عصرِنا هذا قد تجاوزتْ تلكَ المراحلَ و وصلتْ إلى ما هي عليهِ اليوم من حضارةٍ و تسامحٍ و مدنيّةٍ و انفتاحٍ و قبولٍ للآخر .

و لعلَ أبرزَ العللِ التي تعوقُ فكرَ شعبِنا هي علّةُ رفض الآخر , و تبدأُ القصّةُ المُحْزِنةُ في البيوتِ حيثُ أنّ أغلبَ الأطفالِ يتعلمون من أهلِهم رفضَ الآخرِ ولأسبابٍ عديدةٍ.. ( لأنّ عشيرته مختلفة ، دينَهُ مختلفٌ , مذهبهُ مختلفٌ , من قوميّةٍ أُخرى , ينتمي إلى عشيرةٍ قومية مختلفةٍ , قادمٌ من الريفِ , من مستوىً اجتماعيّ أو اقتصاديّ مختلفٍ .. ) , و تطولُ القائمةُ ، لكنّ المهمَ أنّ علَّةَ الرفضَ موجودةٌ , و النتيجةُ أنّ ثقافةَ تقبّلِ الآخرِ - كما هوَ - مرفوضةٌ عندَ الشرقيين والمجتمع الشرقي ! "

مجتمعاتُنا تتصفُ بِسِمةٍ خطيرةٍ و هي النفاقُ الاجتماعيّ بمفهومة الضيّق , حيثُ تتعايشُ الجماعاتُ بعضُها إلى جانبِ بعضٍ , لكن بشيٍ من الانعزاليّةِ التي تُحوّلُ الآخرَ إلى لغْزٍ محيّرٍ .

و تبدأُ القصصُ و الإشاعاتُ تُلفَّقُ بينَ أبناءِ الوطنِ الواحدِ او حتى العشيرة الواحدة من الفئاتِ المختلفةِ عن سلوكِ هذهِ الجماعةِ أو تلكَ , و عن طريقةِ حياتها ! و يبقى الخطابُ يشيدُ بالتعايشِ و المحبّةِ والحمدالله . الا انه هُنا تبدأُ الأصواتُ الخجولةُ بالظهور والقولُ : " لماذا حصلَ هذا ؟ و الله كنّا أصدقاءَ لسنواتٍ طويلةٍ و لم نعرفْ أديانَ و مذاهبَ و قومياتِ أصدقائنِا " .. و هنا تزيدُ المشكلةُ لأنّهُ يتمّ التعتيمُ عليها , ولأنّ صاحبَ هذا القولِ يعيشُ في عالمٍ موازٍ غيرِ العالمِ الذي تعيشُ فيهِ شعوبُنا ، "وهو ان الإنسانية اساس الحياة والوجود قبل اي شيء آخر ، لكن هيهات هيهااات لهم ان يفتكروا او يقتنعوا" ! "

إن شعور المواطن بأنه منقوص المواطنة رسميًا أمر غير متصور في دولة القانون , كذا شعور المواطن بأنه يُحاسب على شيء وُلد عليه وهو لم يكن مسؤولًا عنه كذا أمرٌ لا يجوز , أيضًا شعور المواطن بأنه ينتمي من أصول بلد (فلان) وشاءت الأقدار أن يهاجر الى بلد (فلان) وأن يصبح من مواطنيها ويصبح محط معيار بسبب هذا الشي أمر لا يبستوي في الذهن أيضًا ! على ماذا , ولماذا .. بربكم أجيبوني لماذا كل هذا...!!

هذه القضية دفعت بي بأن أتأنسن , أي ان أرقى بنفسي وأسموا بها فوق مستويات هذه العملية التي تحط من القيمة الجوهرية السامية للإنسان وأدميته ! ألم ينفخ ربنا سبحانه وتعالى نفخته الروحية الواحدة لكل البشر جميعًا ! ؛ إذا كان ربنا المعبود اله السموات والوجود العلي القدير سبحانه وتعالى ملك الملوك , لم يتكبر ولم يفرق بيننا .. بوجودنا , بأشكالنا , بطبيعتنا , بقوميتنا , بجنسنا , بلوننا , بعرقنا وأحيانا بنفس النفخه , فكيف نعطي نفسنا نحن البشر الخطئة الضعفاء هذا الجبروت وهذا السلطان للتفرقة والعنصرية وعدم تقبل الآخر .

ما عانيته لا أريد سواي ان يعانيه !

عزيزي القارئ .. مهما كان لونك ولنفترض ان (البياض أو السمرة) قد ورثتها عن أمك وأبيك , أتعلم بأن لقبك الى يوم القيامة والذي سيناديك به –فئة معروفه ومحدودة- من مجتمعنا الشرقي ما هو !؟ ... ستناديك هذه الفئة (بالمخنث الأشقر أو العبد الأسمر) , وإن لم يكن بوجهك سيعيرونك بذلك بعد ان تدير لهم ظهرك !! (فيلسوف , قاضٍ , محامٍ , طبيب , مهندس , مفكر كنت , أو حتى استاذ جامعي) ستبقى بنظر هذه الفئة المنحطة فكريًا والقاتلة للإنسانية العفوية "الطاهرة والنقية" بفكرها المظلم الأسود (المخنث الأشقر أو العبد الأسمر) , (المسيحي الكافر أو المسلم الخاطئ) .

هنا سيثور مجموعة من الأِشخاص ويقولون لي : "{ يا إيليا , حتى في بلد ام الديمقراطية "أمريكا" , ما زالوا يعانون ويعيشون بعض مظاهر العنصرية وعدم تقبل أفكار الآخر}" !!!

فأقول لهم وأنا ما علاقتي بأمريكا ... نحن ورثنا عن نبينا محمد وسيدنا يسوع المسيح المحبة و مكارم الأخلاق , التسامح , الإخاء , روح الإيثار و العطاء!!

فقال سيدنا يسوع المسيح : "لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء . ما جئت لأنقض بل لأكمل" (مت5: 17).

كما قال سيدنا محمد (ص) أيضًا : إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ .

ولم يقولا هذا مسيحي وذاك مسلم , هذا مسيحي ارثوذكسي وذاك بروتستانتي , هذا مسلمٌ سنيٌ وذاك غير سني , ولم يقولوا هذا طويل وذاك قصير هذا أشقر وذاك أسمر حنطي !! لم يقولوا لم يقولوا البته !!!

في أردن المحبة والتآخي لم نعتد على لفظة "أديان" كأن نقول هذا دينه كذا وذاك دينه كذا , لقد عشنا منذ مائة عام في أردننا وفي ظل الراية الهاشمية على اننا اخوة نتشاطر رغيف الخبز في الفرح والعزاء , رغمًا عن أنوف الحاقدين المتعصبين المتشددين .. لدين الله خطأٌ فاهمين ... فلا يوجد الا دينٌ واحد بأردننا (الإيمان بالله خالق هذه الأرض ومحبته) لكن هناك شرائع متعددة ... فالدين الإسلامي يأمر بالخير , وكذا الدين المسيحي يأمر بالمحبة والعطاء ؛ لذلك فعلى كل شخص بهذا العالم ان يعتنق الإنسانية ويفهم مغزاها في البداية و يعرفها جيدا , فَوالله .. والله لم يخلقنا الله ليفرقنا بأشكالنا , الواننا , اعراقنا , قومياتنا , اجناسنا , ادياننا ... فوالله محبة الله للإنسان أعمق بكثير .. ❤

لذلك أقولها لأبناء وطني وكلي ثقة بهم جميعًا ؛ من لم يكن بنا محبًا , كريماً , آمناً , معطاءً لأخيه الآخر .. فلا عشنا .. ولا عاش الوطن .
{رفعت الأقلام وجفت الصحف}


إيليا أيمن سالم الربضي .
كلية الحقوق / جامعة اليرموك .

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/19 الساعة 20:02