انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

خاشقجي .. دروس إعلامية

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/19 الساعة 19:44
مدار الساعة,السعودية,الولايات المتحدة,ولي العهد,

المحامي بشير المومني

فن صناعة الدعاية والحرب النفسية والتحضير الجيد ما قبل واثناء وبعد الحدث والمواكبة والنسق النمطي والتنقيط المتجزيء وعمليات التأطير وصولا لتشكيل الصورة الكلية الانطباعية الوهمية بما يخدم حالة سياسية محددة هو ابرز ما يميز التناول الاعلامي العالمي لقضية ولغز اختفاء السيد جمال خاشقجي ..

ما يحصل إعلامياً في لغز اختفاء الخاشقجي يصلح للتدريس في معاهد الاعلام والاستخبارات فمدارس اعلامية عريقة موجهة بحرفية تقود العملية اعلاه وكل ما يجري هو على حساب الحقيقة التي تقول اننا امام حالة اختفاء لشخص يستوجب الامر البحث عنه حتى الوصول اليه او تحديد مصيره وهنا نتحدى كل محاكم الدنيا بغض النظر عن القانون الذي تحكم به أكان من السماء او الارض ان تجرؤ على اصدار قرار حكم يقضي بأن الرجل فارق الحياة فالحقيقة تبقى حقيقة والوهم يبقى وهما ..

القصة من بدايتها اخذت منحنى اتهامياً واعلنت الوكالات الاخبارية العالمية عن دخول الرجل لمبنى القنصلية وعدم خروجه وبثت في عقول الناس فرضية مقتله وقدمت امرأة تركية للرأي العام باعتبارها زوجة الخاشقجي التي لا يعلم عنها شيء ولم تخضع للتحقيق من قبل طرف مسؤول والتي بني على اكتافها قصة اخرى هي الساعة الذكية التي سجلت ما حصل داخل القنصلية بما يشابه قصص (جيمس بوند) وهذا تحضير مسبق لعملية الوهم واضح وضوح الشمس مفادها تشكيل الانطباع المسبق الاولي لدى الجمهور ووضع فرضية مقتل الرجل وجرت عملية تأطير للعقل المتلقي فيما اذا كنا امام عملية قتل في القنصلية ام اختطاف بمعنى حصر الاتهام بالسلطات السعودية دون فرضيات اخرى ..

جاء الرد السعودي سريعا بالاعلان عن فتح ابواب القنصلية للاعلام وللتفتيش والتحقيق بلا قيود لأن الهدف ليس فقط تفنيد الاشاعات وتفكيك مؤامرة الانطباع الاولي لدى الجمهور بل الوصول للحقيقة مهما كانت فالحقيقة كانت منذ بداية افتعال الازمة وحتى الان هي اختفاء مواطن سعودي لكن لصناعة الوهم قول اخر فبدأت عمليات التنقيط الاعلامي بالاستناد لمصادر مجهولة تنسب نفسها لسياسيين مقربين او الاجهزة التحقيقية لتزعم بان الادلة تفيد بأن الرجل تعرض للقتل وكل ذلك لتوجيه التحقيقات وبنائها على اساس فرضية واحدة لا فرضيات مثل الخطف او التآمر الجنائي او الاختفاء المقصود او وجود طرف ثالث وصولا لتحقيق الهدف السياسي للعملية وذلك على حساب الحقيقة التي لا تزال قائمة وهي اختفاء مواطن سعودي ..

سريعا جرى تدويل القضية ليدخل عليها اطراف اوروبية وامريكية وتشارك في عمليات الابتزاز والوهم الاعلامي في انطباعات مسبقة متفق عليها فالسعودية ثقل اقليمي وعالمي مؤثر في سياسات المنطقة على الاقل ولا نستبعد ان يتبع كل هذا الضغط والضخ سيئ النية وجود طلبات من تحت الطاولة اعلن الامير محمد بن سلمان رفضها بشكل استباقي كما اعلن بشكل استباقي ايضا عن فتح ابواب القنصلية وبيت القنصل للتفتيش بلا قيود ومن المستبعد جدا رضوخ السعودية للابتزاز في ملفات اقليمية مهمة ومتعددة الاتجاهات ..

ومن ثم بدأ الاعلام بسلسلة موجهة من الدعاية وصلت حد المهزلة فالتسجيلات الصوتية المزعومة لم يسمعها احد ولم يطلع عليها احد ولم يجرؤ على نشرها احد لسبب بسيط ذلك انها غير موجودة اصلا ولو وجدت فعلا فهي مفبركة ومن السهل جدا تفنيدها وفرط عقدها من خلال بصمة الصوت والتقنيات الحديثة القادرة على تحديد فيما اذا كانت حقيقة من عدمه لكن المفاجأة كانت ان شهد شاهد من اهلها عندما نفى اعلامي تركي وجود مثل هكذا تسجيلات نسبت لصحيفته بعد المطالبة السعودية الشجاعة بنشرها فما حصل هو مبالغة بالفبركة وصلت درجة الاسفاف والانحطاط الاعلامي بشكل غير مسبوق ..

بعد ذلك دخلت العملية مرحلة اخرى أكثر انحطاطا بعد دخول فريق التحقيق المشترك للقنصلية وبيت القنصل فبدأت عملية فبركات اعلامية جديدة تتحدث عن العثور على أدلة جنائية دامغة من آثار بشرية ودماء متطابقة في الموقعين تعود للخاشقجي ولم يمض اكثر من اربع وعشرين ساعة حتى تناقضت الروايات في هذه الكذبة الجديدة ايضا من جانبين الاول هو طلب السلطات التركية عينات دم للخاشقجي من الولايات المتحدة وهذا يعني ان الادلة المزعومة الخاصة بالعثور على بقايا بشرية ودماء ونسبتها للمفقود على الاقل لم يتسن ابتداءا التأكد انها تعود للضحية الوهمية المفترضة ليقال انها تعود للخاشقجي فعلا هذا ان كانت موجودة اما الامر الثاني الذي فضح الطابق فهو ترك فرق التحقيق للموقع الذي زعم انه قد جرت فيه عملية القتل المزعومة وبدء البحث في اماكن اخرى خارج القنصلية ومنزل القنصل لأنه ببساطة لم يتم العثور على اي دليل الذي لو وجد فعلا لانتهى التحقيق في مكانه ولا حاجة للبحث في مواقع اخرى خارج المواقع الدبلوماسية السعودية ومن هنا نستطيع فهم فبركة قصة تقطيع الرجل ونقله لتكون خط رجعة يحفظ ماء الوجه الكاذب ففي حال عدم وجود دليل داخل الحرم القنصلي يتم استبدال الرواية فورا بنقل بقايا الرجل لمواقع اخرى الله وحده اعلم بما وضع فيها ..

ومن ثم تبدأ عملية التهريج الاعلامي لتكشف عن الوجه الحقيقي القبيح للعملية برمتها فالهدف اصبح واضحا .. هدف سياسي لطالما سعى اليه اعداء العربية السعودية وهو ضرب ملف ولاية العهد وإحداث تغييرات جوهرية في بنية الدولة السعودية وتغيير النظام وشكل الحكم وابتداع وهم معارضة سعودية تفضي الى محاولات بائسة يائسة الى وهم اخر مفاده وجود الفوضى والقلاقل داخل السعودية والاسرة الحاكمة فبدأت الاشاعات حول اجتماع ما يسمى حكماء الاسرة وبدأ الحديث عن تغيير ولي العهد وبالطبع فالهدف اعادة السعودية لمعضلة نقل الحكم للجيل التالي الذي حسمه الملك سلمان واظهار مفبرك لوجود انقسام وعدم اتفاق على الحكم ولم يتوقف الامر عند ذلك فلقد وصل الحال الى الترويج لفكرة ما يسمى ملكية دستورية ينتهي فيه النظام بشكله الحالي ليتحول الى احزاب الخراب السياسي بعيدا عن جوهر النظام القائم على فكرة البيعة والاسلام وهذا اغداق في محاولة تقسيم وتفتيت السعودية واثارة الصراعات الداخلية لتفتيت اكبر قوة عربية حالية الا ان الرد هذه المرة لم يكن من القيادة السعودية فلقد تكفل الشعب السعودي بذلك واختار بكل وضوح قيادته ووطنه ..

لا اريد ان اطيل لكن هذا المسلسل الذي نعيشه ونراه بأم اعيننا اليوم بكل فبركاته وعملياته الدنيئة يبدو انه سيستمر لاسابيع او اشهر قادمة وفي حين انه لا يصلح لمعالجة الحقيقة او ملاحقتها واظهارها لكنه بالتأكيد يصلح للتدريس في اكبر معاهد الاعلام ومعاهد الاستخبارات في علوم الحرب النفسية وتبقى الحقيقة التي يراد للجميع تناسيها والابتعاد عنها هي اننا امام قضية اختفاء مواطن سعودي على الاراضي التركية ولا يعلم مصير الرجل وهي الحقيقة التي يرددها آل خاشقجي الكرام لكن يبدو انه لا يريد ان يستمع للأهل المكلومين احد ..

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/19 الساعة 19:44