ضريبة.. أم تجويع؟

لن ينتهي كابوس الضرائب الذي يقضي مضجعنا كل ليلة وكل يوم من أيام السنة وفي أيام البذر والحصاد بل اصبحت مسلسلاً من حلقات لا نهاية لها وفاقت في دبلجتها المسلسلات التركية بلا منازع ولا اقتدار , وقد تقوم الساعة وجابي الضرائب لا زال على رأس عمله يلاحق المكلفين قبل ان يحاسبهم الله فتنفذ جيوبهم فحق الدولة مقدم على حق الله حتى يتنعم المنتفعون في الدنيا قبل الاخرة والضريبة عندهم ليس لها حساب لان الله غفور رحيم متناسين بانه شديد العقاب وسيمحق الظلم والظالمين.

لقد قيل في الضريبة منذ جلوس وزراء هذه الحكومة ما لم يقله مالك في الخمر , والتي لا ارى لها نهاية فقد طال العمر فيها واسنفذت زمن الملقي وقد تستنفذ زمن الحكومة الحالية الى ان يمد الله بها العمر الى زمن المهدي فيحكم فيها بعدل بعد الجور فاما جنة واما نار.

ان هوس فرض هذه الضريبة وباي ثمن او طريقة اصبح حديث وشاغل القاصي والداني من الانس وحتى من قبائل الجن والجان , وترى القوم قد هجروا كراسيهم يجولون في البلاد طولا وعرضا وفي البراري والاصقاع ولم تكن الكهوف بالنسبة لهم استثناء، يروجون لها وكانها بوليصة تأمين على الحياة لهذا الشعب الذي اصبح لا يخيط لسرواله جيبا ولا خرجا يحفظ فيه حتى كسرة خبز والتي اصبحت من ضرب المنال.

وقد احترت في امر هذه الضريبة التي لست ضليعا في ثقافتها ولم اوتي من علمها عتيا، ولا احسن السباحة حتى اغوص في اسبارها واغوار نواياها ومراميها ان كانت تلسع او تحرق، فمعرفتها تحتاج الى شخص مثل سيغموند فرويد لينقب في دهاليز شخصيتها وان يكشف لنا صفاءء حليبها من غشه وحيث ان له تجربة غنية مع حليب امه، واذا ذهبت وسألت سلفادور دالي سيجيبك لاانا فهمت ولا انتم ستفهمون (فدعكم في غيكم تعمهون)، واذا سألت ابو خيارة سيشطح بك وسيحدثك عن سوق العقار وكساده، واذا سألت ابو بشار سيحدثك عن ابوتمام وابو العتاهية، واذا سألت ابو زيد سيحدثك عن ابو نواس وقصته مع الست زبيدة وهارون الرشيد وذلك من باب ان الحديث ذو شجون، فتراهم كذلك من الامر كل في فلك يسبحون يخجلون ام يتهربون , فقلت في قرارة نفسي ليس لي من اشباع فضولي سوى (العم نيوتن) صاحب نظرية الجاذبية فقد اجد عنده الجواب الشافي وان كان لا يثلج الصدور، فافتاني بان الضريبة مثل حبة التفاح التي سقطت من الشجرة الى الارض بدون مقاومة، والتفاحة هنا هي الضريبة وانتم ارضها وستسقط عليكم سقوط الشهب من سمائها ولا رادع لها ولا معين , حتى لن تجدوا من نوابكم واعيانكم اي شفيع او ظهير , وستأكلوا في بطونكم بسببها حمم من نار وسعير وستعانوا افلاسات الى يوم الدين , فانكم على كيدهم غير قادرين ولن ينفعكم الدعاء الى رب العالمين لان الله لا يستمع الى عاجزين , وانتظروا يوما يؤخرون فيه الى يوم الدين وهم لا يشعرون. .