اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

لماذا تخسر الفرق العربية في الدقائق الاْخيرة؟

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/22 الساعة 16:36
مدار الساعة,الموظفين,قانون,نعي,قوانين,معان,ثقافة,

بقلم ماهر سلامة

لعل السبب الاْساسي للخسارات المتكررة للفرق العربية في المباريات مع الفرق المتقدمة حضاريا، هو الالتصاق العميق والخفي لمركبات ثقافية صاحبتنا لسنوات مديدة وما زالت تحفر بنا جروحا وألآما كثيرة، تؤثر على أدائنا اليومي في كل شيء. فمثلا صفة مثل:

– الاستعجال في مغادرة العمل قبل بنصف ساعة، حيث تتحول الساعة الاْخيرة بين الموظفين الى استعدادات للمغادرة، وتسود حالة نفسية عازفة عن القيام بأي نشاط لصالح العمل. ففي ثقافتنا لكل شيء نهاية نحن نحددها!، وليس قانون العمل، ولا مقتضياته، ولا صوت الواجب، ولا صوت الإخلاص، ولا الإيمان. كأننا نبحث دائما عن خلاص، لليوم الآخِر، وكأننا نعيش عذابا في حاضرنا نتطلع للخلاص منه. هكذا نحن في كثير من مواصفات الاْداء.

هذا الاستعجال الدائم لا يجعلنا سريعين، فنحن في الملاعب أبطأ بكثير من اللاعبين في الفرق اللاعربية. لذا نيأس سريعا في نهاية المباراة، و نتراخي أملا بمعجزة إلهية تقف معنا، فيقرأنا الفريق الآخر ويسجل أهدافه ويذهب.

– وتباعا وبعد أن مارسنا الاستعجال، تغادرنا صفة هامة نتيجة التعجل الاْعمى، تغادرنا صفة الدقة، وصفة التعاون مع اللاعب الآخر، وصفة تقدير المسافة، حيث تسود التقريبية في كل شيء في هذا العقل المستعجل والمتعجل للخلاص.

– في الاستعجال اضمحلال لصفات حميدة تضعف صفات أخرى مثل تكرار المحاولة، والمثابرة، والإصرار فنتحول الى قاذفي كرات طمعاً في أي هدف قد تسجله الصدفة، والإرادة الغيبية، التي هي أساس الاتكال لممارسة العجلة فنقول عسى أن تنجح، وكأننا نسعى للاحتيال على قوانين الفيزياء التي وضعها الله لنسير عليها ونتقنها لا لنحتال عليها.

– في الاستعجال إشارات خفية كثيرة وكأننا نقول “لن أبذل الجهد” بل سأتكل على السماوات لتنقذني! هكذا دخلت مفاهيم عبثية في كل شيء، وشوهتها، وباتت جزءا من برنامجنا التشغيلي الداخلي الذي يفتقد للتركيز.

– في الاستعجال تذهب مفاهيم الوقت والتوقيت، حينها نقرر اننا مركز الكون ونسعى للتحكم في تغيير مدة الدقيقة والثانية والساعة، فنحن لنا معايير خاصة لتحديد طول الثانية والدقيقة، لهذا تتغير مفاهيم الحاضر والماضي والمستقبل. الماضي ذهب، ومع ذلك يصبح من السهولة استحضار وقته، فنحن نتحكم بمزاجنا بإزاحة الحاضر، وجلب الماضي الآن، لننطلق منه الى المستقبل في أحلامنا وأوهامنا، لا في سعينا نحوه. في الآن الذي نصيغه لوحدنا ماضي ومستقبل، حاضرنا مزدحم فنفقد البوصلة.

هنا نغادر الواقعية العلمية، ونعيش في اللاوقت، فتصبح المباريات حاضر يعيش به ماضينا ومستقبلنا الواهم، فتجد الفرق العربية مشتتة ومستوى تعاونيتها متدني، فتذهب كرة وتأتي أخرى بلا معنى، فاللاعب قد فقد معنى وهدف استلامه للكرة، ولم يعرف لمن يعطيها، فمستقبِل الكرة ضائع أيضا، وفي مكان آخر نفسيا ومعنويا.

– في اللاوقت يكون اللاعب خائفا من استلامه لمسؤولية الكرة، حيث تتحول الكرة الى كرة لهب، فيسعى للتخلص منها الى لاعب آخر، لا تسليمها حسب خطة للاعب آخر. مفاهيم المسؤولية كلها بحاجة الى إعادة صياغة في عقولنا.

– في اللاوقت تضيع الاْولويات، فتضيع قيم الاْشياء العميقة، هنا يذهب المعنى والمعاني، فالمثابرة تصبح بلا معنى، والإصرار يصبح خطف الاْشياء، فنذهب الى ثقافة الكسب السريع، وثقافة الإثراء السريع، والغاية السيئة تبرر الوسيلة السيئة، هنا نفقر أكثر وأكثر، ويأتي المستقبل ونحن ننظر الى خيباتنا، فنتجه الى تمجيد الموت ومغادرة الحياة والاستعداد لذلك بخمس مرات يومية معلنة وعشرات المرات الاْخرى غير المعلنة!

– أي مدرب سيعرف كيف سيدرب الفرق العربية على مفاهيم ومهارات الحياة؟؟، مهما دفعنا الملايين فهذا المدرب أو ذاك لن يغير الثقافة السائدة في دواخل الرياضي ليتمكن من أن ينافس ويسجل تاريخا للانتصارات والخيبات، بعيدة عن ثقافة ضربات الحظ.

– حتى مهارات الفرق المتقدمة والمتطورة لا نفهمها على أساس انها ثابرت، وبذلت الجهود الهائلة للتدرب والتعلم، بل نحيلها الى موهبة إلهية أتت لهذا الشخص وهذه الموهبة التي انفق عليها الملايين وحصلت على الملايين، لذا هذه الفرق تبدع في لعبها وتفوقها، لا لأنها تدربت بعنيف وصبر ومثابرة وإصرار بل لاْن الكسب المالي جعلها مبدعة!! هكذا تعلمنا صفة إطلاق الاْحكام بسهولة وراحة ودون بذل جهد لتدقيقها. حتى محمد صلاح خيب التوقعات عندما لعب مع فريق ومنتخب بلده، فعدوى الطاقة سلبا أو ايجابا تنتقل سريعا..

– نحن في الواقع فرق ناعمة، لا تحتمل اللعب الخشن، فنتأوه ونتألم ونسقط ونتزحلق بسرعة فائقة، رغم كل الخشونة الذكورية التي نتفاخر بها. غائب عن ذهننا أن مفاهيم السرعة والبطيء والتروي والاستعجال، ومفاهيم الخشونة واللياقة والتركيز وتحديد الاْولويات، هي مفاهيم ابداعية انسانية في الاْساس تحقق لنا التوازن، فللمثابرة هدف، و للإصرار هدف، وللتركيز هدف، وللأولويات هدف، ولعل كل اهدافها تجتمع لتقول علينا أن نشبه الكون في حراكه الثابت والمتغير، في النهاية هكذا ينظم الكون طاقته، ومشكلتنا أن طاقاتنا وطاقتنا غير منظمة، لذا علينا أن نتبنى هذه المفاهيم لننظم طاقتنا.

– ولاْننا نذهب الى الملاعب طمعا وليس طموحا في الانتصار نتيجة المفاهيم الثقافية المأساوية لثقافتنا في مهارات الحياة وعلومها، لذا نحن في الحقيقة نذهب لنتطاحن لاعبين وجمهور، وكأننا في نتقمص داحس والغبراء في قنص واختطاف كل شيء.

متى سنفهم أن أصل المهارات الرياضية ثقافة عميقة مرتبطة بعلم الاجتماع وعلم النفس والشعر والاْدب والمسرح والموسيقى والفكر والفلسفة، فلاعبين الفرق المتقدمة منغمسين مع الحياة ككل متكامل.(الراي اليوم)

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/22 الساعة 16:36