اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

قل لهم يا خالد

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/05 الساعة 23:45
مدار الساعة,عمان,قائمة,الكرك,الأردن,صورة,ثقافة,اقتصاد,

أخي المنيسور د. خالد العكشه
رئيس مكتب الحوار مع المسلمين في حاضرة الفاتيكان

تحية طيبة أحيك بها أصالة عن نفسي نيابة عن زملائي وزميلاتي، أعضاء جماعة عمان لحوارات المستقبل، التي تفتخر بأنها تجسد أروع ما في بلدنا من قيم، أهمها قيمة التنوع العرقي والديني والثقافي، في إطار المواطنة القائمة على دستورنا, آملين منك أيها الكركي الأصيل، والأردني العتيق, الذي نفتخر بك، وبمكانتك العالمية أن تنقل صورة وطنك على حقيقتها إلى العالم ، فقل لهم أننا أبناء مجتمع لا يسأل فيه الجار جاره عن دينه أو مذهبه أو عرقه، أبناء ثقافة تؤمن بأن الدين واحد، وإن تعددت شرائعه، وأن المسلم منا لا يصح إسلامه ولا تكتمل عقيدته إذا لم يؤمن بكل أنبياء الله، الذين يتعبد بتلاوة سيرهم ، وهو يتلو سور القرآن، التي تحمل الكثير منها أسماؤهم ، وفيه سورة باسم السيدة مريم تروي قصة ولادتها الفريدة, لمن هو في عقيدتنا كلمة الله التي نفخها من روحه، وأنها عليها السلام في القرآن هي المصطفاه على نساء العالمين، كما أن اطول سورة في القرآن هي سورة آل عمران، أهل السيدة مريم في أوضح تأسيس للحوار بين أتباع الشرائع.

قل لهم يا خالد: أننا في بلدنا تجاوزنا مرحلة الحوار، ومرحلة قبول الآخر، إلى مرحلة الحياة الواحدة، بعد أن صهرتنا ثقافتنا في بوتقة اجتماعية واحدة ، يعيش فيها المسلم والمسيحي عيشة واحدة، فيقف كل منهما في عزاء الآخر، ويشد من أزره في المصيبة، ويهنئه بالفرح، ويشاركه في أعماله، بل كثيرة هي الحالات التي رضع منها أطفال المسلمين من حليب المسيحيات والعكس صحيح، فصارا أخوين يصلي أحدهما في الكنيسة ويصلي الآخر في المسجد.

قل لهم يا خالد: أن بعض مساجدنا تحمل إسم عيسى عليه السلام، مثلما أن من كهنة الكنيسة من يحمل اسم محمد، فمن الطبيعي في بلدنا أن تجد مسيحياً أسمه محمد أو أحمد أو مصطفى، مثلما أن من الطبيعي أن تجد مسلم اسمه عيسى أو بطرس، وكثيرات هنّ المسلمات اللواتي يحملن اسم مريم أو البتول أو عذراء، وأكثر من ذلك فإن بعض عشائرنا التي هي عصب نظامنا الاجتماعي موزعة بين الإسلام والمسيحية، وكثيرة هي الحالات التي يصوم فيها المسيحي مع المسلم في رمضان، وكثيرة هي مآدب الإفطار الرمضانية التي تقيمها كنائس الأردن مثلما يحتفل المسلم مع مواطنه المسيحي بأعياده فيضيء شجرة الميلاد في بيته، ويلون البيض لأطفاله.

قل لهم يا خالد: أن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في بلدنا ليست حالة طارئة، ولا قراراً سياسياً، لكنه عبادة، أرسى قواعدها نبينا محمد الذي كان يتعهد جيرانه من أهل الكتاب بالبرّ، وحسن الجوار، ويتبادل معهم الهدايا، كما كان يحضُر ولائمهم ويشاركهم مناسباتهم الاجتماعية، ويشدّ من أزرهم في مصائبهم ويشاركهم مجالسهم، وقامت بينه وبينهم معاملات اقتصادية، في ممارسة تدل على أن الرباط بين أبناء الدولة والمجتمع هو رباط المواطنة، وأن لكل دينه على قاعدة "لكم دينكم ولي دين".

قل لهم يا خالد: لأننا أبناء وطن يقوم على أساس المواطنة، بصرف النظر عن دين كل منا، فأن مليكنا يفتخر بأنه راعي المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس تنفيذاً لتعاليم جده الأعلى النبي محمد " ص " الذي كفل للناس حرية العقيدة وحرية العبادة، وتعهد بحماية معابدهم، وكانت أول وصايا خلفاءه من بعده لجيوشهم الحفاظ على الكنائس، والأديرة، وحماية القسس والرهبان، فلم يأت عليه السلام لإجبار الناس على اعتناق الإسلام، بل أمر بمحاورتهم بالحجة، "أدعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" لذلك حاور رسولنا محمد، مسيحيي نجران، واقتسم معهم مسجده نصفين، فكانوا يصلون به صلاتهم ويصلي المسلمين به صلاتهم.

قل لهم يا خالد: أنه مثلما يفتخر ملوكنا في الأردن بأنهم رعاة الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، فأنهم يفتخرون بأنهم رعاة الحوار بين أتباع الشرائع سيراً على نهج جدهم محمد، فالأردن من أوائل من مارس هذا الحوار، إن لم يكن أولهم، من خلال مؤسسة آل البيت، التي أطلقت في منتصف ثمانينات القرن الماضي، سلسلة من الحوارات بين المسلمين والمسيحيين، امتدت لسنوات شاركت فيها أهم الكنائس المسيحية في أوروبا، في محاولة لبناء حياة مشتركة بين أتباع الشرائع على غرار التجربة الأردنية التي تمثلها أنت وأنا وكل الأردنيين. فقل لهم ذلك كله يا خالد.

الرأي

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/05 الساعة 23:45