اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

إفرازات الشللية وآثارها على الإدارة العامة

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/03/11 الساعة 23:22
مدار الساعة,قانون,الأردن,

تلقيت ردود فعل كثيرة مؤيدة مضامين لمقالي يوم الأحد الماضي عن الشللية وسن التقاعد، أخذت شكل الاتصالات الهاتفية، والرسائل النصية على أنواعها، والتعليقات على الفيس بوك، وقد سارت ردود الفعل باتجاهين، الأول :كان إشادة بالأداء المسلكي والوظيفي للسيد خالد عوض الله أبو زيد، الذي تحدثت عنه كنموذج للكفاءات التي خسرتها الإدارة العامة في بلدنا، بسبب نص قانوني يتعلق بسن التقاعد من جهة، ولأن الرجل من جهة ثانية ليس محسوباً على شلة، تسعى لإيجاد مخرج له بهدف إطالة عمره الوظيفي، وهذه الإشادة بالرجل دليل على أن الحس الشعبي في بلدنا مازال قادراً على التميز بين الغث والسمين، والتفريق بين الصالح والطالح، والانحياز إلى الكفاءة التي يمثلها رجل مثل خالدأبو زيد.

الاتجاه الثاني الذي أخذته ردود الفعل، انصب على التذكير بأضرار الشللية خاصة على الإدارة العامة في بلدنا، فبسبب بروز الشللية وقدرتها على التأثير حرمت الإدارة العامة في بلدنا من كفاءات كثيرة، وهو الحرمان الذي أدى فيما بعد إلى فقرنا إلى رجال الدولة امثال أولئك الذين بنوا الإدارة العامة الأردنية أو كانوا رموزاً لتفوقها، نستذكرهم عندما نتحدث عن أمجاد هذه الإدارة.

ومثلما حرمت الشللية الإدارة العامة في بلدنا, من الكفاءات فقد حرمتها من تراكم الخبرات, الناجم عن التطور الطبيعي للموظف العام في السلم الوظيفي, في إطار تسلسل وظيفي منطقي وطبيعي, ولعل غياب التسلل الوظيفي الطبيعي في معظم حالات الإدارة العامة في بلدنا, هو الذي أفقدها القدرة على إعداد قيادات الصف الثاني’ لأنه بسبب الشللية صارت الكثير من الإدارات العامة في بلدنا تفاجىء بنزول مضلي مفاجىء يأتي بقادة لها من خارج رحمها، وبدون أدنى معرفة بآليات عمل هذه الإدارات. وهذا الهبوط المضلي على رأس الهرم للإدارات العامة في بلدنا أدى إلى المزيد من أخطار الشللية، من ذلك انتشار النكاية في هذه الإدارات، بهدف إفشال القادم الجديد إليها، والذي كثيراً ما ينظر إليه على أنه غاصب لحق أبناء الإدارة، وبالتوازي مع انتشار النكاية تغيب عن الإدارة العامة في بلدنا روح الإبداع والابتكار، والتي تولدها روح المنافسة الشريفة للوصول إلى المواقع المتقدمة في هذه الإدارة، لأن الشللية والهبوط المضلي غالباً ما يغلقا الأفق أمام العاملين في الإدارة العامة للتقدم إلى القمة بالاتقان فيبدأ البحث عن سبل أخرى للتقدم الوظيفي غير الإبداع والابتكار والإنجاز.

البحث عن سبل بديلة للتقدم الوظيفي بعيداً عن روح الإبداع والابتكار والإنجاز، الذي سدت الشللية الأفق أمامه في الإدارة العامة في بلدنا، صار سبباً من أسباب الإنهيار الأخلاقي الذي نلمس آثاره في مختلف جوانب حياتنا، وأول مظاهر هذا الإنهيار الأخلاقي أن الكثيرين من الطامحين والطامعين بتبوء مواقع متقدمة.صاروا يستبدلون طريق الإنجاز والابتكار. بطريق البحث عن شلة تحميهم. وتفتح الطرق أمامهم، وصار من المعروف أن "الكأس" وتوابعه من أهم الأسس التي تقوم عليها الشلل، ومن ثم صارت الطرق الملتوية محل تفكير الكثير من الشباب الطامح إلى التقدم السريع، ولعل هذه الطرق الملتوية من أسباب انتشار الرشوة والواسطة والمحسوبية وغيرها من مظاهر الفساد التي نشكو منها.

إضافة إلى كل ما تقدم من عيوب الشللية، وأثارها السلبية على الإدارة العامة، فإن هناك خطراً كبيراً ينجم عن تفشي الشللية، هو انتشار إحساس عالي بالمرارة والظلم عند شرائح متزايده من الأردنيين، يعتقدون أن الشللية حرمتهم من فرصهم، وهو احساس قاد إلى انتشار موجة من الإحباط ولدت ضعفاً شديداً في روح الانتماء والولاء وروح التضحية، وقد ترجم ذلك كله بالاعتداء على المال العام والاعتداء على هيبة الدولة،وكلاهما صار سلوكاً شبه يومي لشرائح متزايدة من المواطنين، يزيد من خطورته أنه صار تعبيراً عن حالة احتقان سياسي واجتماعي صار من المهم معالجته، وأول خطوات في هذا الإتجاه هو الاحتكام إلى القانون وتعزيز مفهوم سيادته. ومن الخطوات الأساسية لذلك أنهاء ظاهرة الشللية ليس في الإدارة العامة بل في كل جوانب حياتنا اليومية. الراي

Bilal.tall@yahoo.com

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/03/11 الساعة 23:22