كنت سأنتحر.. على جسر عبدون

بقلم: ياسر العايدي

على جسر عبدون هنالك صعدت ...

هنالك وقفت، تأملت السماء بزرقتها ورماديتها ، وتابعت القليل من الغيوم المتناثرة على اديمها الذي كان يوما ازرق ....

في تلك اللحظات كنت استرجع كل السنوات التي مضت، كل التفاصيل الصغيرة وكل الدقائق الحزينة في هذا العمر الممتد من وعود كاذبة وأحلام زائفة، وصولا إلى خيبات ونكسات وحزن مكدس بعضه فوق بعض، يا الهي كيف غطى الحزن كل هذه المساحة ، وكيف صار عنوانا دائما ووجهة وحيدة لكل الكلام .

يا إله المحزونين، كيف نطيق كل هذا البؤس ، أي سراديب وانفاق للروح نحتاج لنواري كل هذا الحزن واليأس. لا بد من حل نهائي لكل هذا الألم، فكرت مرارا وتكرارا، أي مصير سأواجهه واي مصير سأترك من بعدي.

تكاثف الحزن حد الاختناق، فقررت ان اضع حدا ونهاية لهذا البؤس العظيم، قلت لنفسي لماذا لا اجرب الموت، لماذا لا الق بنفسي من فوق هذا الجسر، على الأقل ستراودني أحلام ملونة في طريقي الى الارتطام بالأرض...

هل اقتل نفسي بهذه الطريقة؟! وما الجدوى من كل هذا الخراب ؟!

فكرت اي مصير سيواجهه من بعدي من اهل وأصحاب واحباب ؟

ربما سيبكي البعض لأيام قليلة ثم اصير نسيا منسيا، كأني لم اكن يوما عابرا من هذا الفضاء المقيت ....

ولأني تأملت عيون البعض كيف ستغرورق في ضباب الدموع أغمضت عيني، ورفعت ذراعي كطائر قرر أن يكتشف أبعاد السماء، تنفست بحرية وعمق، كان الهواء يدخل إلى صدري بأنسياب وتلقائية، ملأت صدري مرارا وافرغته، ورصدت كيف يتبخر كل شيء من حولي، راقبت كيف عبثت هذه الأنفاس بكل ما لدي وكيف تحرك امل غاف في إحدى زواياي، الهي اني قطعة في سلسلة ممتدة فكيف من طرفي ينفرط العقد وتنقطع السلسلة ،

كيف لي ان استسلم للحزن واليأس والبؤس مهما كانت شدته، كيف اسمح لأي قوة ان تكسر الدوائر من حولي ..

سأصمد أكثر، بل سأصمد إلى الأبد لألف سبب، فلن اقتل نفسي لأني اخاف ان القى الله قاتلا لنفسي، ولأني احرص كل الحرص على دموع اهلي واصحابي واحبابي ....