الاستثمار المحلي والأجنبي في الاْردن: غياب الاستراتيجيات الاستثمارية الحقيقية (4)

الاستاذ الدكتور عوني حمدان الشديفات *

عطفا على المقالات الثلاث الماضية والتي تطرقت الى العوامل الرئيسة لجذب الاستثمارات بشكل عام وهي الاستقرار في القوانين وفِي المؤسسات المناط بها قياده العمل الاستثماري والاستقرار في توقعات المستثمرين . وكذالك تم التطرق الى عناصر البناء المؤسسي الاستثماري الفعّال من حيث الموارد البشريه العاملة في الملف الاستثماري وما تمتلكه من مهارات وجدارات وقيم مؤسسية ونوعيه الانظمه الحاكمة للعمل الاستثماري والهياكل التنظيميه للعمل الاستثماري والادارة الاستثمارية، وفِي المقال الثالث الماضي تم التركيز على نوعية القيادة المطلوبة للعمل على ارتقاء الملف الاستثماري الأردني الى مسارات تنموية جديده تواؤما مع تطلعات سيدي صاحب الجلالة الهاشمية.

يركز هذا المقال الرابع على معضلة غياب الاستراتيجيات الاستثمارية الحقيقية وانعكاساتها السلبية على جذب الاستثمار النوعي والحقيقي والواقعي ذي القيمه المضافه الحقيقيه ، فكما هو معروف فان الاستراتيجيات الاستثماريه طويله المدى وتتعامل مع تغير الفكر الاستثماري بل والمستقبل برمته المتعلق بالعملية الاستثمارية. بيد ان الاستراتيجيات الاستثمارية لا بد لها من ان تكون مبادره - خلاقه ومبدعه - تشاركيه لجميع الأطراف المعنيه بالملف الاستثماري - ديناميكية حسب احتياجات ومتطلبات المرحله والمستثمرون ليست جامده ولا منحوته في الصخر.

واهم عناصر الاستراتيجيه الاستثماريه من رؤيه ورساله وقييم واهداف استراتيجيه استثماريه واضحه غير موجوده في الحاله الاردنيه وليست واضحه لكبار موظفي الدوله العاملين في الملف الاستثماري والدليل على ذلك لو طلب من خمسه موظفين كبار عاملين في الملف الاستثماري ان يحددوا ما هي الرؤيه الاستثماريه في المملكه لحصلنا على خمسه اجابات مختلفه وذلك لغياب الرؤيه الاستثماريه الواضحه وهذا الامر يشتت الجهود الاستثماريه الاردنيه حيث ان القطاعات المستهدفة غير معروفه وتتغير بشكل غير مدروس كما ان الأثر التنموي للاستثمارات لم تتم دراسته لنعرف ما هي القطاعات التي تؤثر بشكل كبير على رفاه المواطن الأردني بل ولها إضافات نوعية على ملف التنمية المستدامة في المملكه الاردنيه الهاشمية.

كما ان الأهداف الاستثماريه غير محددة ولا مقاسة ولا واقعية وغير مربوطه باطار زمني ( ليست أهدافاً ذكية) ، وكما هو معروف فالأهداف الاستثمارية يجب ان تتواءم مع توجهات الدولة الاردنية ومع تطلعات قيادتنا الهاشميه ولكن المتفحص للملف الاْردن الاستثماري خلال السنوات القليله الماضيه يرى ارتباك حقيقي في هذا الملف المهم وعجزنا عن جذب الاستثمارات الحقيقية التي تحسن مستوى فرد المواطن بل وتخلق فرص عمل وتمنع اي رفع لضرائب لان ما يدخل خزينه الدوله من الاستثمارات الحقيقيه يمنعها من ان ترهق كاهل المواطن البسيط بضرائب متعددة ليست له القدره على دفعها . وماذا جذبت المؤسسات المعنيه في ترويج وجذب وتعميق الاستثمار للمحافظات البعيده وهل أوجدت فرص عمل لاهلنا في معانٍ او الطفيله او مادبا او المفرق او أربد او جرش او عجلون او الزرقاء او السلط او العقبه او الكرك بل ان معظم الاستثمارات تركزت في العاصمة عمان وهي استثمارات كميه لا نوعيه تنعكس بشكل متواضع جدا على اقتصادنا الوطني ويستفيد منها حفنه محدوده من المتنفذين.

وهذا يعني بالتأكيد غياب الاستراتيجيات الاستثمارية الحقيقية والواقعية المتوائمة مع تنميتنا المستدامة اقتصاديا واجتماعيا وبيىئا والمتناغمة مع توجهات سيدي صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ادام الله ملكه.

* رئيس اللجنه الاقتصادية والاستثمارية التطوعيه
الجالية الاردنية في الكويت