اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

ربيحات يكتب: عصام كساب.. يودع دهشة الحياة

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/16 الساعة 11:36
مدار الساعة,اقتصاد,الاردن,منح,

مدار الساعة - كتب د. صبري ربيحات - من بين آلاف الرجال الذين عرفناهم خلال مسيرة حياتنا ظل عصام كساب متميزاً ومنفرداً في خصاله وسماته ومواقفه لا يتبدل مهما تبدلت الايام.

في مطلع ثمانيننات القرن الماضي اصطحبنا الصديقان احمد سلامة وعبدالله العتوم الى مزرعة الحاج محمود سعيد "ابوخالد" لنلتقي يومها بالعشرات من رواد الحاكورة التي ظلت اكثر الصالونات السياسية الاجتماعية التي يلتقي في جنباتها المهتمون في السياسة والاقتصاد وشؤون الناس والقادمون من الضفة والعابرون اليها ممن يحرصون على سماع اخبار البلاد او الالتقاء ببعض صناع القرار ممن كانوا يترددون على ذلك المنتجع او لنقل المقهى السياسي المفتوح.

في ذلك المكان الذي كان عصام كساب احد رواده الدائمين لشغفه بالسياسة واخبارها بالرغم انه لا يتعاطاها ولحبه للناس ومعرفة طبائعهم. كان ابو حسن يجلس منصتاً لكل ما يقال ولا يخفي اعجابه او تحفظه عندما يتطلب الموقف ذلك.

البراءة والطيبة والكرم وحسن الخلق وجملة الخصال التي تحلى به عصام جعلته صديقا للجميع وشخصا نادرا يفوق كل الاوصاف والصور التي يمكن ان ترسمها الكلمات له, فقد احب الحياة واخلص لها وقرر ان يستمتع بكل ما يمكن ان تقدمه له ايامها "حلوها ومرها".

في الثمانينيات من القرن الماضي وقبل ان تهزه ازمات البلاد الاقتصادية حرص عصام واشقاؤه ان يكون الطابق الاول من عمارتهم ديوانا مفتوحا يأتيه المحبون والاصدقاء للحديث والتسلية والاستمتاع بالكرم والسخاء الذي عرفوا به. كان ذلك قبل ان يصل الاعمار الى شارع عبدالله غوشه فقد كان من رواده الاطباء والوزراء والصحفيون ورجال الاعمال والشخصيات الامنية والزوار.

لقد كان ديوان ابي حسن امتدادا لما كان يقوم به محمود سعيد او على شاكلته حيث يتفاعل الناس ببراءة وصدق ويقدم فيه الطعام والشراب بكل حب. لقد كان ديوان ال كساب فضاء حرا لا قيود عليه وعلى غير شاكلة الدواوين التي يحاصرك اصحابها بالاسئلة و بالترحيب لدرجة تشعر بانهم يحصون انفاسك.

كنا نداعب ابا حسن ونصفه بـ "المستسمر" تعبيرا عن ما آل اليه الاستثمار في بلدنا لكننا نجمع مهما اختلفنا على حبه وتقديره فالرجل خفيف الظل طيب المعشر يجمع ولا يفرق يحاول النظر الى الدنيا بمنظار ناصع لا يعتريه ضبابية ولا يشوبه انحراف.

السيدة الفاضلة ام حسن رفيقة دربه كانت السند والداعم له في رحلة العمر التي بدى كل منهما وكأنه وقع في حب الاخر قبل ايام فهو يتحدث عنها باعجاب لم يخفت ولم يتغير منذ ان رايتهما معا قبل اكثر من ثلاثة عقود . يستقبلانك في بيتهما الدافيء ويتحدثان بفخر عن ابنهما الاكبر الذي يمثل ذروة نجاحهما في اعداده ليكون مثالا لنجاح الشباب الاردني وعبير التي تستحق بان تحظى بلقب الام المثالية لعنايتها الفائقة وحرصها على متابعة دقائق الامور الخاصة بطارق وسيلينا.

اليوم وبعد ان سرج عصام حصانه ورحل سيترك اسرة مكلومة فسيفتقده عماد ومصطفى وعادل وبقية الاخوة والاخوات فقد ظنوا انهم سيبقون تحت رعايته وعنايته مهما كبروا. بعد اليوم ستكون الدنيا بالنسبة لنا نحن الاصدقاء مختلفة فلن ارفع السماعة لاخاطب المستسمر عندما اشعر بالحاجة الى جرعة من الصدق والبراءة ...ولن نتلقى دعوة مفاجئة الى حديقته الصغيرة في الكاشف التي حرص على ان نلتقي فيها مرة في الشهر . وبعد اليوم لن يأتي راجح وحماده وعبدالله العتوم وباسم سكجها. ولن يطل الدكتور ابو هزيم ولا خالد سعيد . وسيعود ناصر قمش من امريكيا دون ان يتلقى مكالمة عصام ودعوته على قلاية البندورة والديوك البلدية كما يفعل بالعادة.

اخي عصام سافتقدك ويفتقدك كل الذين عرفوك عن قرب و سيخسر مجتمعنا واحدا من الرجال الذين لا يميزون بين الاصل والمنبت ويؤمنون بان الحياة منحة تستحق التقدير وستتركنا قبل ان تسمع منا كم كنا نحبك ونقدر خصالك التي تفوقت بها علينا وعلى انانيتنا.

الله كم هو صادم خبر الرحيل....وكم نشعر بقصورنا وعجزنا عن الاحتفاظ بالاحبة عندما يدعوهم الموت....

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/16 الساعة 11:36