انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

الخيار الأردني.. أبعد من مؤتمر

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/29 الساعة 00:14
الأردن,مدار الساعة,فلسطين,معان,اتفاقية وادي عربة,

قلت في المقال السابق أن خطورة مؤتمر الخيار الأردني، الذي عقد أخيراً في مركز تراث بيغن، وطرح مصطلح «النظام البديل» بدلاً من «الوطن البديل» لحل قضية فلسطين وشعبها، على حساب الأردن وشعبه كما تصور لهم خيالاتهم المريضة، ليست في الحفنة التي سميت بالمعارضة الأردنية في الخارج, فهؤلاء ليسوا أكثر من قناع يختبىء من خلفه منظمو المؤتمر، لذلك لا يجوز أن ننظر إلى هذا الحدث على أنه مجرد مؤتمر من هذه المؤتمرات، التي يغص بها بلدنا ويترع بها وطننا العربي، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، لأنه ليس فيها من معاني المؤتمرات ودلالاتها إلا الاسم، الذي شوهنا دلالاته, فمضامين المؤتمرات في بلادنا تدل على أنها تحولت إلى مجرد مهرجانات خطابية أو صالونات ثرثرة، يشارك فيها كل من هب ودب، دون الالتفات إلى الخبرة والتخصص، خاصة بعد أن تحولت المؤتمرات في بلادنا إلى دكاكين ارتزاق يغذيها التمويل الأجنبي الذي يلعب دوراً كبيراً في تشويه المسميات في بلادنا.
في بلاد الدنيا الأخرى, ومنها الكيان الصهيوني مفهوم آخر للمؤتمرات ودورها. فالمؤتمرات هناك تعقد من أهل الخبرة والاختصاص, وتطرح قضايا محددة للنقاش من قبل المعنيين, ثم تخرج بخطة عمل, وبآليات للتنفيذ والمتابعة والمراجعة والتنظيم, لذلك يكون لمؤتمراتهم أثراً وتأثيراً, ولا يكون لمؤتمراتنا إلا رجح الصدى الذي لا يسمن ولا يغني من جوع, إلا جوع البطون بفضل غنى مؤتمراتنا بغذاء المعدة وفقرها بغذاء العقل.
من زاوية الفرق بين مؤتمراتنا ومؤتمراتهم علينا أن ننظر إلى مؤتمر الخيار الأردني, ونتعامل معه, مستذكرين أن الحركة الصهيونية بدأت بمؤتمر هو مؤتمر «بال» الشهير الذي أوصى بإقامة الكيان الصهيوني, وقد تابع الصهاينة قرار مؤتمرهم فكانت إسرائيل ومازالت شوكة في خاصرة أمتنا, حيث لم يتورع آباء الحركة الصهيونية من التوسل بكل الوسائل, ومن تسخير كل الإمكانيات, ومن توظيف كل الفرص, لتحويل قرار مؤتمرهم في «بال» إلى حقيقة واقعة.
ليس مؤتمر «بال» حالة فريدة في الفكر والتراث الصهيوني على وجه الخصوص,فهذا دابهم في كل مؤتمراتهم, التي هي في حقيقتها ورش عمل, وتخطيط, ووضع آليات, ومراحل زمنية, لتحقيق أهدافهم الخبيثة بمعاييرنا, والمقدسة بمعاييرهم, فدور المؤتمرات كأداة للتخطيط ومن ثم التنفيذ للعمل حالة عامة لديهم, لذلك نجد أن لكل حزب من الأحزاب الإسرائيلية مؤتمره, وخططه الذي تتم محاسبة القيادات على أساس مدى التزامها بتنفيذ ما تقرره مؤتمراتهم من استراتيجيات, وما تحققه من أهداف, فإما يجدد لهذه القيادات أو يتم تنحيتها, وبهذا تحقق المؤتمرات لديهم فائدتين عظيمتين أولهما: أنها تشكل حافزاً للإنجاز خوفاً من المحاسبة, وثانيهما أنها وسيلة لتجديد الدماء وتداول السلطة.
هذا الدور الذي تلعبه المؤتمرات ليس مقتصراً على الأحزاب السياسية الصهيونية, لكنه يمتد إلى كل المكونات واللوبيات الصهيونية, ويكفي أن نستذكر المؤتمر السنوي للأيباك الصهيونية في الولايات المتحدة الأميركية ومدى تأثير قرارته على السياسة الأميركية بمجملها, وقبل ذلك على توجهات الناخب الأميركي وقراراته.
من خلال النظر إلى كل هذه الأدوار الكبيرة والخطيرة التي تلعبها المؤتمرات في آلية العمل الصهيوني, يجب أن نتعامل مع مؤتمر الخيار الأردني, خصوصاً في هذا التوقيت الذي زادت فيه إسرائيل من إدارة ظهرها للعملية السلمية, ولمسيرة السلام في المنطقة, كما زادت من تنصلها من التزاماتها المترتبة عليها بالمعاهدات والاتفاقيات التي أبرمتها مع أطراف عربية, ومنها اتفاقية وادي عربة, التي يشكل طرح الخيار الأردني وفي القدس بالذات, ومن قبل اليمين الإسرائيلي الذي يحكم إسرائيل, طعنة صريحة وواضحة لهذه الاتفاقية وهي ليست الطعنة الوحيدة لكنها تأتي كجزء من سلسلة طعنات متلاحقة في جسد الاتفاقية ومدى احترام بنودها. مما يستدعي أن ننظر إلى مؤتمر الخيار الأردني بكثير من الجدية, التي تفرض علينا أن نضع آليات فاعلة لمواجهته وللحيلولة دون الوصول إلى أهدافه.
الرأي

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/29 الساعة 00:14