اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

جمعة شنب قاص وأديب من الأردن.. يهدي نفسه للحكي الجميل

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/19 الساعة 17:51
الأردن,مدار الساعة,صورة,

مدار الساعة - نصوصه رشيقة كحضوره، خفيف الظل، ثقيل الوزن في كتاباته، لغته رشيقة، وعوالمه غريبة لكنها مألوفة، حين يعانق القارئ نصوصه يجف سؤال على فمه: من أين يأتي بهذا الوهج كله؟..

كتابه “قهوة رديئة”في القصة القصيرة تحفة سردية لغةً، تخييلاً، ومشاهدَ..

نقرأ ” قهوة رديئة” لعدة اعتبارت ، لعل أهمها هوس صاحبها بولوج عوالم غريبة بلغة ساحرة، رشيقة، نزقة… لا تشبه صاحبها، فهو عاقل ، رزين، صموت،وبمجرد أن يتراءى له نص في الأفق يركبه جنون خاص، فيتشظى قصصاً قصيرة .. ومعها لا بد من سيجارة وقهوة..

أيها الصباحيون،

أيها المسائيون،

أيها الليليون،

أيها المدمنون في كل وقت،

هل تحبون شرب قهوة رديئة؟ .. فقط اعلموا أن العرب تُعرف عندهم الأشياءُ بأضدادها..

استقبلوا معي في “العرين” الكاتب القاص الكبير جمعة شنب ..

أهلا بك في العرين يا صاحبي ،

س- لك أن تقدم نفسك للقراء بما تحب..

ج- أهلًا بك أيها الحبيب والمبدع الميمون، وشكرًا للقصّة التي جمعتني بك، شكرًا للناظور الفاتنة، ومهرجانها البهيّ.

أنا قاصٌّ فلسطينيٌّ-الأصل، أردنيُّ الجنسية والولادة-، وأمريكيُّ الجنسيّة بعد هاتين، ولعلّ هذه الهويّات قد عبثت بي وتلاعبت، ثمّ خلّفت هذه التشظّيات التى أشرت إليها في تقديمك الحميم لي.

ولدت في مخيّم للاجئين الفلسطيننين على كتف مدينة عمّان، نهاية عام 1960، في أسرة صغيرة وفقيرة، وكما سبق وقلت في شهادتي في معرض فلسطين الدولي للكتاب مؤخّرًا فإنّ البدايات تائهة
عندي، غائمةٌ مثلُ أي حدث في الطفولة. لا استطيع التحديد بصورة واضحة متى بدأت ولماذا وكيف. لكني مثلًا- كنت انتظر بلهفة شديدة، خروج أبي وأمي وبقية أهلي في زيارة للأقارب، حتّى يخلو
لي حوش الدار والغرفة الصغيرة والياسمينة الهرمة المغروسة في حوض الزرع المستطيل.

كان النّاس يشكون إصرار أطفالهم على مصاحبتهم إلى كل الأماكن، حتى لو كان سوق الخضار في طرف المخيم، وكان أبي يشكو لهم عزلة ابنه، وإصراره على البقاء في البيت وحيدًا، وعدم رغبته في لقاء النّاس.

لكن ماذا كنت أفعل ساعة يخلو لي وجه البيت الفقير؟ لا شيء البتّة، ربّما !

هل كانت البدايات في غرفة الصّف، ودرس التعبير، ودروس القواعد، ومقارعة الأستاذ عزّ الدين، في مسألة نحويّة، من كتاب القواعد للصّفّ الأول الإعدادي ؟!

أم كانت مع (أم عيون وساع) زوجة ابن الجيران التي ملأت الحارة بهاء ونورا، والتي كانت تكبرني بعقد من الزمن ربّما؟

هل صحيح أن طالبة في الصفّ الثاني الإعدادي، مسكينة، لا تملك من أمرها شيئًا، كانت وراء ذلك؟ ماذا عن المخيّم والاحتلال وقصص أبي وصحبه إذًا؟ وماذا عن الكتابة عن فلسطين والحريّة
والتقدّم والتقدّميّة، تلك الكلمات الكبيرة التي كنت ورفاقي نكتبها على الجداران في الليالي المعتمة؟

ماذا عن إغراء أن تكون شخصًا مهمًّا، منضويًا تحت تنظيم سرّيٍّ في ظلّ أحكامٍ عرفيّة، ويقرأ لأسماء كبيرة مثل ماركس ولينين وتشيخوف وغوركي، ويقرأ عن كومونة باريس، وسجن الباستيل، والبوّابة السوداء؟ هذه إرهاصات صغيرة-كبيرة صاحبت صباي ومراهقتي. لكن المراهقة عظمت كثيرًا، وراحت تأخذ ملامح لا تتّفق كثيرًا وولد فقير لم يتجاوز السادسة عشرة بعد.

أصدرت مجموعتي الأولى عام 1980 تحت عنوان “للأرض جاذبية أخرى” وقد قام أصدقائي في الثانوية العامّة بجمع مبلغ بسيط، دفعناه لصاحب المطبعة الحنون يومذاك، وقاموا بتوزيعها باليد على الطلاب، وجمعوا قروشًا معقولة، غظّت كلفتها.

لكنّي أصبت بانتكاسة .

س- اللغة التي تقترف بها نصوصك قريبة من ” الشعر”، شاعرية من أوجه عديدة، ورشيقة.. فلماذا القصة و ليس الشعــر؟

ج- لقد بدأت بالشعر في بواكيري، مثل كثيرين، لكن ما لبث القصيد أن ضاق بي، وضقتُ به..

إنّها مريم، صاحبة المريول الأخضر المُرقّع، تلك التي طاردتها في مخيّلتي أكثر من سنتين، ومررت من باب سقيفتها تسعين ألف مرّة، حتى أصادفها واقفة -صدفة أو عمدًا- وأرمي لها بغمزة من عيني اليمنى في ذهابي، ومن اليسرى في إيّابي..

إنّها مريم -في ظنّي الآثم- من حوّلتني من كتابة الشعر الرديء، الذي كنت أنشره في صفحات الهواة وبريد القرّاء في الصحف آنذاك، إلى كتابة رسالة من أربعين صفخة (فولسكاب) مرصوصة ودسمة، وفيها كلّ ما ينتمي إلى عالم الحبّ العذريّ الساذج والغادر.

مريم كانت محطّة تحوّلي من محاولاتي الشعريّة الفقيرة، إلى محاولاتي النثريّة العاثرة إذن، وكان ذلك في أوائل المرحلة الثانويّة.

ما كان للشّعر أن يقول كلّ ما في داخلي، فغدا النّثر نافذتي إلى داخلي، وهي في المحصّلة ذات اللّغة العربيّة، الوعاء الأنيق الذي يحوي كلّ صنوف التعبير، فليس ثمّة فواصل حادّة تفصل بين مفرداتها، سواء استخدمت في شعر أو نثر.

س- “قهوة رديئة” هو عنوان بقدر ما هو مألوف أجده مستفزا ، وللإشارة هو في الكتاب لم يرد ذكرُه سوى على شكل وصف في نص “د فتر” ص 17حين تقول: ” قامت السيدة وأحضرت إبريق قهوة رديئة..”، كيف اهتديتَ إلى هذا العنوان؟ ولماذا التركيز هنا على الرداءة؟

ج- الحقيقة أنّ لهذا العنوان قصّة، فأنا أكره العنونة بالفعل، وأضيق بها. وعندما فرغت من تجميع النصوص، وكانت ثلاثة أضعاف ما احتوته هذه المجموعة، دفعت بها إلى أصدقاء مقرّبين، لأفيد من ملاحظاتهم، سيّما وأنّها جاءت بعد انقطاع عن النشر دام إحدى وثلاثين سنة. قلت لهم هذا ما اقترفت يداي، فاحذفوا ما شئتم، واختاروا عنوانا للمجموعة، التقينا بعد فترة، فكان أن أجمعوا على ضرورة جعل المجموعة في حدود مئة صفحة، أو يزيد قليلًا، وكان صديقي الشاعر والناقد والفنّان زهير أبو شايب، الذي صمّم الغلاف، و كتب كلمته، قد حضّر خمسة عناوين، وقفزتُ حين وقعت عيناي على “قهوة رديئة” وكذا أجمع الآخرون.

ان قهوتي رديئة بالفعل، تليق بالواقع الرّديء- المتردّي الذي أصوّره.

س- ” تصفح الذات” أهم تيمة تغلب على نصوص ” قهوتك”..هل نحن الذين نتحدث اللغة العربية، ولا زلنا نركب البغال، و نستخف من المرأة، ونمنعه

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/10/19 الساعة 17:51