اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

في رحاب الهجرة النبوية « 2» المرأة والشباب والمواطنة في دولة الهجرة

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/23 الساعة 23:56
مدار الساعة,ثقافة,شركات,اقتصاد,وزير,منح,

قلنا في المقال السابق، أننا نحتفل بذكرى الهجرة النبوية هذا العام، في ظل تصاعد الحديث عن دولة المواطنة وثقافتها وبينا أن ثقافة المواطنة مكون أصيل في ثقافتنا، ودللنا على ذلك باستعراض بعض أسس ومكونات ثقافة المواطنة، التي قامت عليها الدولة التي أقامها رسول الله عليه السلام في المدينة المنورة، كنتيجة رئيسية من نتائج هجرته عليه السلام من مكة إلى يثرب، حيث أقام أول دولة على أساس التصور الإسلامي، واستعرضنا بعض الأسس التي قامت عليها دولة المدينة، والتي تؤكد أنها كانت دولة مدنية تقوم على ثقافة المواطنة، وفي هذا المقال نواصل استعراض بعض أسس المواطنة في ثقافتنا الأصيلة التي قامت عليها دولة المدينة.

من الملفت عند التمعن في سيرة رسول الله، وفي تجربته في إقامة دولة المدينة، أنها كانت دولة ترفض «الجندر» بلغة العصر، أي أنها ترفض التمييز بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، إلا بمقدار الفروق الطبيعة وهي فروق طفيفة، لا تعني تمييزاً سلبياً ضد المرأة، فكلاهما من نفس الأصل « إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى» وكلاهما يحملان نفس التكاليف، ونفس المسؤولية فخطاب التكليف، ومثله خطاب المسؤولية هو «للمؤمنين والمؤمنات» «المشركين والمشركات» «المنافقين والمنافقات».

وفي التطبيق العملي، هناك قاعدة «خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء» وهي أم المؤمنين السيدة عائشة، التي طالما رجع إليها الصحابة في أمور دينهم ودنياهم، بل أنها السيدة التي خرجت على رأس جيش في معركة الجمل، في موقف سياسي يدحض كل ما يقال عن تحريم الإسلام العمل السياسي على المرأة، وهو الذي لم يحرم عليها الخروج للقتال، كما فعلت السيدة عائشة وكما فعلت من قبلها أم عمارة، وكثيرات غيرهما، مثلما لم يحرم عليها العمل التشريعي على قاعدة « أصابت امرأة وأخطأ عمر».

تماماً مثلما لم يحرم عليها العمل الاقتصادي، ابتداء من إقرار استقلال الذمة المالية للمرأة، إلى حقها المطلق بتنمية ثروتها، والعمل بها، وتوظيف من تشاء في سبيل تنمية هذه الأموال، حتى أن رسول الله كان يعمل بتجارة خديجة، وكانت» الشفاء» ليلى بنت عبدالله العدوية القرشية أول محتسبة في الإسلام «أي وزيرة تموين». أي أن المرأة تولت مبكراً موقع الوزارة في الدولة العربية الإسلامية.

خلاصة القول في هذه القضية: أن ثقافة المواطنة ودولتها لا تفرقان بين رجل وامرأة في الحقوق والواجبات. وأن المرأة كالرجل متساويان في حقوق وواجبات المواطنة. وهذه أهم مزايا المجتمع السيد الحر، فمن المعلوم أن الرجل السيد الحر، يحتاج إلى شراكة متكافئة مع امرأة حرة سيدة، كفؤة له، لبناء حياة مشتركة أهم شروطها الكفاءة، وهي هنا الكفاءة النفسية والفكرية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية، ولا غرابة في أن تبني الأسرة على مبدأ الشراكة المتكافئة، لأنها أساس المجتمع وحاضنة قيمه ومفاهيمه وثقافته ومنها ثقافة المواطنة.

ومثل المرأة ودورها كمواطنة شريكة في دولة المواطنة، التي بناها الرسول، كان الشباب مواطنين وشركاء فاعلين في دولة المدينة، ويكفي أن نشير إلى أن رسول الله، نزل عند رأي الشباب في معركة أحد، فخرج من المدينة لمواجهة قريش، ويكفي أنه اختار أسامة بن زيد لقيادة جيش فيه كبار الصحابة، مثل عمر بن الخطاب وكان قاضيه إلى اليمن معاذ بن جبل وكان في ريعان شبابه.

وفي إطار دراستنا لأسس ثقافة المواطنة التي قامت عليها دولة المدينة نجد أن ثقافة المواطنة تربي الناس على أن حقوقهم ليست منحة من أحد، لكنها حق ينتزع عند الضرورة انتزاعاً على قاعدة « لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فينا إن لم نسمعها» وعلى قاعدة « والله لو رأينا فيك إعوجاجاً لقومناه بحد سيوفنا».

كما نجد أن ثقافة المواطنة هي ثقافة عملية على قاعدة « الدين المعاملة» وقاعدة « إماطة الأذى عن الطريق صدقة» وعلى قاعدة « لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى» والتقوى هنا ليست العبادات المفروضة كشعائر فقط، ولكنها كل عمل صالح، يؤدي إلى إعمار الأرض، ونشر الحق والعدل والمساواة بين أهلها. فهذه هي العبادة التي نتقرب بها إلى الله الذي استخلفنا في الارض لعمارتها، والعمارة لا تكون إلا إذا وصل الناس إلى حقوقهم وساد بينهم العدل، وحكمهم مبدأ تكافؤ الفرص، والشعور بالرضى والطمأنينة، أي عاشوا كمواطنين أحرار على قاعدة «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً».

هذه مجرد محطات تؤكد أن ثقافة المواطنة وصولاً إلى دولتها، ليست مفهوماً جديداً ولا مستورداً لكنه جزء أساس من ثقافتنا الأصيلة.كما تؤكدها أية دراسة جادة لأدبيات الهجرة النبوية الشريفة.

الرأي

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/23 الساعة 23:56