احذروا الفتنة فهي قاتلة

ان ابجديات جدول الضرب في الاردن تختلف عنها في جميع البلدان, فنقبل منه صيغة الجمع ونرفض منه طريقة القسمة والتي هي في الغالب ما ينتج عنها كسورا وشواذا , مما يترتب عليه تعقيدا في التوزيع واختلافا في الحسبة وتغيب للعدالة عند الاحمال المتساوية , وهذا يشكل مدعاة للاختلاف والتفريق وزرع الشروروخروج الامور من سياقها الصحيح , مما جعلنا نرفضها رفضا تاما و نخرجها من جدول الضرب الوافد الينا من مجاهل الظلام والانقسام لنلقي بها في غياهب البحر العميق او في واد سحيق ليس له قرار حتى لا يتشربها القادم من الاجيال وتستغلها خفافيش الليل من الكارهين لهذا المكان.

اما صيغة الجمع فلا بديل عنها بيننا لااننا توارثناها جيلا عن جيل وكابرا عن كابر ومن قبل ان توجد جداول الضرب والحساب وذلك حين رسخ الاجداد واباء في مفهومنا وفكرنا وضمائرنا , ان تجمعوا ولا تفرقوا واعتصوا بالعروة الوثقى التي لاانفصام لها فتتكالب عليكم اشرار الداخل والخارج وبالنتيجة نحن كلنا خاسرون.

ان الوحدة الوطنية ليست مجرد شعارات تكتب على اليافطات في الشوارع او هتافات في المسيرات او خطب تلقى على كرسي المنابر في يوم الجمعة، او شعرا حماسيا بعاطفة ذر الرماد في العيون او اهزوجة واغنية نتغنى بها في الحفلات ونرقص على انغامها الدبكة وهز البطون ,وليست للتشدق والتباهي والمزايدة والتهجم على الاخرين , والوطنيةُ ليست نعرة ممجوجة ، أو عصبية مرفوضة، أو عنصرية مزعومة ، الوطنية أسمى وأعلى من كل ذلك , فهي فعل وعمل دوؤب وإحساسٌ ودفاع لا يقبلُ المساومةمن قبل المواطن الحق الغيور على حاضنة الوطن من كل المنابت والاطياف والاصول , وتجسيدها حقيقة على ارض الواقع حبا وغيرة على الوطن والمواطن وامنه واقتصاده من اجل اعلائه والمحافظة عليه وعلى وحدته الوطنية , ودرء الفتن والمفاسد من ارهاب حاصد او افكار هدامة تتبع اجندة خارجية , او افساد حاقد لايهمه وطن ولا مواطن بعد ان ملىء بطنه وامتلئت جيوبه من خيرات هذا الوطن الذي يتنفس هوائه ويشرب من ماءه وبنعم بامنه واستقراره .

ان الذي يحدث هذه الايام من مشاكل اجتماعية فردية والتي يحاول البعض استغلالها للطعن في الوحدة الوطنية متخذا من الطائفية والعنصرية ذريعة ووقودا لاذكاء النار في الهشيم و فتنة شررها وبالا ومستطير على وحدة هذه الامة وورقة رابحة في يد الفتن الطائفية وفي يد عدونا المتربص بنا عبر النهر

والغريب في الامر ان هذا التحريض يصدر من اناس يحملون الشهادات العليا في العلوم والقانون ومن رجال تبوأ مراكزا عليا في الدولة عدا عن نواب واعيان امة , فهل كانت افكارهم هذه الهاما ومسحا لدماغ العوام ؟ , حتى تجرعنا سمومها ومشينا في ركابها والتي هي دخيلة علينا ولم نعهدها في غابر الزمان وكانت نسيا منسيا في ظل الاخوة والوئام التي شملت الناس, حتى اطلت برؤسها هذه الايام كالافعى ذات الاجراس .

ان هذه الفئئة القليلة لا تمثل إلا نفسها وكل هرائها فقاعات هواء في فنجان، فالوحدة الوطنية جلمود صخر من بازلت البركان, وخط احمر ورباط مقدس, ومن يقترب منها سيكتوي بنارها وتلعنه الارض والشجر والحجر والانام.