اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

الانتخابات والأسطوانة المشروخة

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/08/22 الساعة 23:56
مدار الساعة,الأردن,صورة,عمان,اربد,ميديا,

انتهت العملية الانتخابية، التي جرى فيها لأول مرة في تاريخ الأردن انتخاب مجلسين، هما المجالس البلدية ومجالس اللامركزية، في يوم اقتراع واحد، ولكن تداعيات العملية الانتخابية لم تنته، بل لعلها تتفاعل وتتكرر بصورة أكثر قتامة وسواداً، من ذلك أن شيئاً من مؤشرات ودلائل تعاملنا مع صناديق الاقتراع وما تفرزه لم يتغير، فرغم إنفاق مئات آلاف الدنانير، على عمليات الدعاية المحرضة على المشاركة في الانتخاب، بما في ذلك « دق الأبواب» في زمن « دق الخشوم» فإن نسبة الاقتراع خاصة في المناطق الأكثر استهدافاً للحملات الدعائية، وهي عمان واربد والزرقاء لم ترتفع، ولم يظهر أثر واضح وملموس لهذا الكم الهائل من الملصقات التي شوهت وجه مدننا، وخلقت تلوثاً بيئياً بينا، لكنها لم تخلق وعياً مؤثراً، ولعل هذا أمر يستدعي الوقوف والتأمل وطرح الأسئلة حول طبيعة حملاتنا الإعلامية ومدى جدية القائمين عليها ومهنيتهم، وأهم هذه الأسئلة: سؤال لماذا لم نصل إلى عقل ووجدان الناخب الأردني، ومن ثم قناعاته رغم كل هذه الأكوام من الأوراق الملونة التي خلقت التلوثين البصري والبيئي؟ ورغم أننا مارسنا في بعض المراحل «مساخر» دعائية، تراوحت ما بين لبس « الكلفزات» إلى استخدام مشاهد « مسخرة» أسميناها كوميديا، دون أن يؤدي ذلك إلى تغير قناعات الأردنيين فيدفعهم إلى صناديق الاقتراع، مما يعني أن هناك خللاً في لغة الخطاب وفي أدواته، وقبل ذلك وأهم منه» فقدان ثقة»، نتمنى أن يظل مقتصراً على الأشخاص، ولا يمتد إلى المؤسسات، فمن السهل تغير الأشخاص لكن من الصعب بناء المؤسسات، وأصعب من الأمرين، بناء الثقة، وهو البناء الذي تدل الأرقام والنتائج وتداعياتها على أننا فشلنا فيه، وهي حقيقية لابد من أن نواجهها بشجاعة، إن أردنا تغيير قناعات الأردنيين، ودفعهم إلى المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية عموماً، وفي التوجه إلى صناديق الاقتراع على وجه الخصوص، وهي سلبية نحب أن يتخلص منها الأردنيون، وخاصة في المدن الرئيسية ولنا عودة للحديث عنها في مرة قادمة.

وإذا كانت الدلائل تشير إلى إخفاق الحملات الإعلامية، في رفع نسبة التصويت، بعيداً عن خداع الأرقام، فإن هذه الدلائل والمؤشرات تقول أيضا أننا مازلنا لا نتقبل حكم الصناديق، وأننا نتعامل في أغلب الأحيان مع نتائج الصناديق بنوعين من العنف، أولهما العنف المادي، من خلال اللجوء إلى حرق وتكسير المرافق العامة، والإصرار على انتهاك حرمة المال العام، تعبيراً عن رفضنا لنتائج الصناديق، متناسين أنه في كل نوع من أنواع المنافسة لابد من رابح وخاسر، وأن على الخاسر أن يتصف بالموضوعية، ويجري مراجعة موضوعية هادئة لأسباب خسارته ليتجنبها مستقبلاً، إن كان يريد استمرار مشاركته في الحياة العامة، آخذين بعين الاعتبار أن خسارة جولة لا تعيب أحداً، فكثيرون هم الذين خذلتهم صناديق الاقتراع، رغم أدوارهم المشرفة في تاريخ أوطانهم.

اللون الثاني من ألوان العنف، الذي نتعامل به مع نتائج الصناديق، وهو عندي أشرس وأعنف وأكثر سواداً من العنف المادي، ذلك هو العنف المعنوي اللفظي، الذي يعمل على هز الثقة بالوطن، من خلال هز الثقة بالمؤسسات، وقبل ذلك بضمائر الأردنيين، عندما يتم تضخيم الحديث عن بعض الممارسات الشاذة، كبيع وشراء الأصوات، والترويج لها، كما لو أنها الأصل في سلوك الأردنيين، مما يشكل إهانة للضمير والحس الوطنيين للأردنيين، علماً بأنه في معظم الحالات لم يتم تأكيد وقائع بيع وشراء الأصوات بالأدلة المادية، ونحن وإن كنا لا ننفي وقوع حالات البيع والشراء، فالأصل أن يتم معالجة هذه الحالات وفق حجمها الحقيقي، من خلال العمل على إيصال من يمارسها إلى ساحة القضاء العادل لينال قصاصه، دون أن نعمل من حيث ندري أو لا ندري على تجذيرها في مجتمعنا، ليصب هذا التجذير في تعظيم نسبة العزوف عن المشاركة، وهو العزوف الذي تعزز مبرراته عملية اغتيال مؤسسات الوطن، من خلال زعم جل من لم يحالفهم الحظ في الانتخابات بأنه جرى التزوير ضدهم، وهذه إسطوانة مشروخة، صارت تلازم كل عملية انتخابية تجري في بلدنا، وقد آن آوان تحطيم هذه الإسطوانة،لأنها لم تعد مقنعة في الكثير من الأحيان, لكنها تؤكد بأننا لم نصل بعد إلى القبول بنتائج الصناديق، وهذا القبول أول طريق الديمقراطية الطويل.

الرأي

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/08/22 الساعة 23:56