الفتنة اشد من القتل

واي فتنة اشد واكبر من فتنة ظاهرة وثقافة الفيسبوك في هذه الايام التي اصبحت وللاسف منابر مثابرة ودائمة لبث الفتنة والفرقة واطلاق الشائعات وصب الزيت على النار, وما اثار حفيظتي اكثر مشاهدتي للفيديو الذي تم تداوله اخيرا وتظهر فيه عجوز شمطاء تذكر فيه ابياتاً من الشعر يذم فيها قائله مدينة عمان ومدناً اردنية اخرى وبطريقة ساخرة شامتة تنم عن حقد وغل في الصدور من بلد فتح ابوابه على مصراعيه ليحضن المهجرين والمضطهدين والمظلومين من بلاد جارت على ابنائها فشملتهم بعطفها وحنانها كالام تحتضن اطفالها برغم عسرها وقلة مواردها وشاركتهم في طعامها وشرابها ودفئها.

وللحقيقة وليس دفاعا عن احد فقد بحثت في ديوان شاعر الاردن مصطفى وهبي التل ( عرار ) وانا من عشاق شعره ولم اجد فيه ايا من هذه الابيات التي نسبت له ظلما وزورا وحتى بعض المغرضين اضافوا لها ابيات ادعوا انه انشدها في مدينة الكرك تمعينا في زرع الفتنة بين اهل البلد الواحد , ومن ناحية اخرى فقد اطلعت على معطم شعر ابراهيم طوقان ولم اجد ايا من هذه الابيات قالها او ذكرها في قصائده , والذي فبرك هذه المسرحية الشعرية مدلس وافاق والقصد منها ضرب الوحدة الوطنية والتي هي صخرة تتكسر عليها كل محاولات الدس والتفريق بين ابناء الوطن الواحد والتي هي عصية على كل غرابيل الحصى , والمثل يقول :
( الذي سبك هو الذي نقل لك المسبة ) .

وفي زمن الاضطرابات السياسية والاجتماعية والمذهبية يخرج علينا من يسمون انفسهم بالعلمانين واللادينيين فيكيلون الشتم والقدح لرموز الدين وشيوخه متهمين اياهم بالجهل والتخلف والتمسك بالبدع والخرافات حتى وصل بهم الامر الى التشكيك بالله وبالرسول ومن ورائهم مجوعة من المطبلين والمزمرين والذين اغلبهم منساقون ورائهم كالقطيع بلا علم ولا معرفة ومن الفئات العنصرية والطائفية الذين يصيدون في الماء العكر وينفسون عما في صدورهم من حقد وكراهية لهذا الدين , وعندما تبين لهم الحقيقة ينعتوك باقذر الشتائم والمسبات وتصبح كمن يحفر في البحر.

وتجد في الطرف الاخر منشورات تمجد ببلاد تقع خارج الاسوار واحزاب وجماعات لم ينالنا منها سوى الاذى والتعدي على الحرومات ويمطروهم بكل انواع المديح والعرفان , وبلادهم التي ينتمون اليها تقبع في نظرهم في الظلمات وفي طي النسيان وانها متخلفة عنهم باشواط وازمان , كل هذا ليرضوا غرورقوم حاقدين وشامتين ومتفرجين , طامعين بالحصول على اكبر عدد ممكن من اللايكات ( الاعجابات ) ليشبعوا غرورهم وسد نقصهم والتخلص من عقدهم النفسية .

انه ليس ابلغ من هذه الظواهر للدلالة على فتنة صفحات التواص الاجتماعي ومن هذا الزمن الردىء الذي نعيشه، والذي يعتقد البعض ان منشوراته او نقله دليل على التحرر، وشاهدا على الانعتاق من قيود المجتمع الذي باغلبه يرفض هذه السلوكيات بشكل ظاهري على الاقل.

علينا ألانكون مثل الهشيم تذروه الرياح .. كل معلومة تروقنا او منشور يعرض علينا ان لانقوم بتصديقها وننشرها على اوسع نطاق, وان نتحقق من مصدرها ومرادها، لان نسبة كبيرة من المنشورات والفيديوهات على الفيسبوك هي اخبار مفبركة ومضروبة يكتبها اناس في غرف مغلقة لاثارة المزيد من الفتن والاثارة والغضب بين التاس , وذلك في غياب الرقابة والمحاسبة.