البروفيسور احمد ملاعبة يكتب: حضارة نهر الزرقاء.. القصر الاحمر

كتب: أ. د. احمد ملاعبة

على جزيرة وسطية في نهر الزرقاء ترتفع شواهد القصر الاحمر بجزءين : الجزء الشمالي والجزء الجنوبي. القصر الاحمر لا يعرفه كثير من الناس رغم ان من عاصر الزرقاء في بداية القرن العشرين يعرف أنها كانت تمتاز بالأرض الخصبة على ضفاف النهر وهي فيرة الغلال تزهو بزرقة ماء النهر المائل الى زرقة السماء.

لقد تميزت المدينة بثلاثة معالم أثرية رئيسية بارزة للعيان قبل هجوم البيوت الخرسانية وهدم المعالم هي قصر شبيب والقصر الاحمر وخربة الحديد. وخربة الحديد اندثرت وهي مدينة اثرية يذكرها الكثيرون كانت تقع في جناعة وفيها آثار رومانية بحيث يمكن اعتبارها نموذجا مصغرا لمدينة كبيرة ولا زالت اعمدتها المزركشة متناثرة على اطراف السيل - سنتعرض لها لاحقا.

والقصر الاحمر بني من جزءين على جزيرة تقع وسط نهر الزرقاء وموقع القصر على يسار الطريق الواصل بين دوار حي معصوم ودوار مدينة السخنة - ولقد تعرض القصر الذي يمتاز بطراز معماري جميل الى الدمار من قبل العابثين والباحثين عن الدفائن - حيث أن هناك قولاً شعبياً متوارثاً من أنه حول القصر يوجد دفائن وكنوز - ولكن اليوم القصر الشاهد على الالفي عام على تاريخ المدينة وحضارة نهرالزرقاء – حسب كسر الفخار الرومانية المنتشرة حول القصر وبداخله - يتعرض للاندثار، حيث قام العديد ببناء بيوتهم بملاصق لبناء القصر وجزء منه يقع فوق اجزاء القصر.

القصرالجنوبي يأخذ شكل البناء مستطيل وبطول 50 م بعرض 40م ويتكون من ست غرف وفناء، وتتواجد تحتة العديد من المغاور التي كانت تستخدم لاغراض خزن الجبوب والمواد الغذائية وبعضها كمخارج طوارىء للقصر.

اما القصرالشمالي فبني من ثلاثة اجزاء كل جزء فيه غرفة كبيرة وفناء وشكل البناء لكل جزء مربع وتبلغ مساحة هذا القصر الاجمالية حوالي 800 متر مربع.

ومن المورث الاجتماعي بان قصر الاحمر جاء تتسميتة من "حمراء" وهي زوجه شبيب. والتى كان قصرها يقع قباله الطاحونة الاثريه والتى طمست تحت الشارع المؤدي للسخنه وعرفت "بطاحونة شبيب" والتي يمكن مشاهدة اثارة على الصور الجوية القديمة في بداية القرن العشرين . والارجح ان الاسم جاء من حمرة لون الصخر المنبي منه القصر وهو صخر جيري رخو يميل الى حثان.

ولقد ورد عن تغريبة بني هلال حينما وقعت الحرب بينهم وبين شبيب التبعي بانه "أي شبيب" كان فارسا شديدا وقد قتله ابو زيد غيله وبخديعه حينما علم بانه مصاب بحربه من ذياب الفارس الهلالي وهرب ابو زيد من قصر شبيب واختبأ في كهوف تحت القصر الاحمر. فيما فرأو (ساح) ذياب الى منطقة يطلق عليها الان سايح ذياب (سايح الذيب) –نسبة له - وتقع في قضاء الضليل بالزرقاء والتي يقام فيها مهرجان سايح ذياب للفروسية.

ولقد ورد الاسم حمراء في شعر العماد الاصفهاني حين قال:

ولم انسى بالزرقاء يوم وداعنا ... أنامل تدمي حيـرة للتندم
أعدك يا زرقاء حمراء انني .... بكيتك حتى شيبت مؤك بالدم

فيا ليت شعري هل اعود اليهم ... وهل ليت شعري نافع للمتيم

ان الرسالة العلمية الاعلامية الواضحة تحمل في طياتها المطالبة بضرورة المحافظة على القصر ورفع الضرر والاعتداء الذي تعرض له واعاد صيانة المباني من حجارة القصر المترامية حول جدرانة والمحافظة على هذا الارث الحضاري من الضياع ومن ثم نسويقة سياحا كمعلم حضاري يخدم السياحة في محافظة اصبحت غابة خراسنية يحيط بها طوق السيارات.