اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

عندما غادر الرئيس

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/22 الساعة 23:29
مدار الساعة,اقتصاد,

من عادتي في النشاطات والمناسبات خاصة الرسمية منها، الحرص على الجلوس في الصفوف الخلفية،وهو أمر كثيراً ما يسبب الحرج لفريق المراسم لدى الجهة الداعية، الذين اعتادوا على ترتيب جلوس المدعوين حسب مناصبهم ودرجاتهم الوظيفية،وباعتباري واحد من أقدم أبناء جيلي الذين حصلوا على الدرجة العليا في الحكومة، وشغلوا منصب مدير عام، بالإضافة إلى أنني من أقدم رؤوساء تحرير الصحف الأحياء،فغالباً ما يصر فريق المراسم لدى الجهة المنظمة للأنشطة على جلوسي في الصفوف الأمامية، بينما أصر أنا على الجلوس بالصفوف الخلفية وغالباً ما أفلح بذلك واستمتع.

لاستمتاعي بالجلوس في المقاعد الخلفية جملة من الأسباب،أولها دراسة حجم تنامي ظاهرة النفاق والرياء في مجتمعنا، فالكثيرون يأتون إلى المناسبات العامة ليس لذات المناسبة، بل من باب النفاق لراعيها، حتى إذا ما اضطر الراعي لمغادرة المكان، غادر معظم الجلوس وهنا أورد واقعتين تؤكدان ما ذهبت إليه، الأولى أنه قبل أسابيع حضرت حفل إشهار لعمل أدبي، فكان المكان يغص بأشخاص لا علاقة لهم بأي لون من ألوان الأدب، لكنهم جاءوا لإثبات حضورهم لراعي المناسبة وتذكيره بأنفسهم فقد تزاحموا عليه ونسوا الكاتب والكتاب، أما الثانية فما حدث يوم الإثنين الماضي في احتفالية إطلاق الحكومة للحزمة الاقتصادية الخامسة، فما أن غادر دولة الرئيس معتذراً بسبب ارتباطات اخرى، وهو أمر طبيعي، حتى غادر معظم الحضور القاعة، رغم أن برنامج الاحتفالية لم ينتهي، ورغم أنه لا يرضي رئيس الوزراء أن لا يكمل مدراء ومسؤولين في الحكومة الاستماع إلىالإعلان عن إنجاز لها هذه واحدة.

أما الثانية فإن الجلوس في الصف الأمامي يشعرك في كثير من الأحيان بإحساس الأسير، المقيد الحركة،المراقب في كل ثانية المضطر إلى الجلوس طالما أن راعي الحفل وعلية القوم جلوس، حتى وإن كان ما تسمعه أو تراه سخيفاً.

أما الثالثة فهي مشاهدة نماذج من تصرفات أصحاب النفوس الصغيرة، الذين يظنونأن جلوسهم في الصف الأول،أو بالقرب من المسؤول الأول يضيف إليهم شيئاً،أو يذكر هذا المسؤول بهم، وهؤلاء لا يثقون بأنفسهم مثلما لا يستمدون مكانتهم بين الناس من ذواتهم، ومن ثم يعطون للمكان قيمته ولا يستمدون قيمتهم من المكان، وقد رأينا في الحياة الكثير من الحالات،لأناس استمدوا مكانتهم من وظائفهم، وجعلوا علاقتهم حتى بالقربين منهم من أقرباء وأصدقاء عبر السكرتيرات في أحسن الأحوال، حتى إذا ماتركوا وظائفهم اكتشفوا حجم وحدتهم وفراغ حياتهم، وزيف مواقعهم، لأن الوظيفة لا تصنع لصاحبها مكانة واحتراماً بين الناس، مثلما لا يصنع لهم الجلوس في الصف الأول ذلك كله،لأن ما يصنع المكانة والاحترام هو احترامك لغيرك امتداداً لاحترامك لنفسك ثم إنجازك في خدمة الناس، والتواصل معهم. الرأي

Bilal.tall@yahoo.com

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/22 الساعة 23:29