الثورات العربية.. فايروس قوي ومضاد حيوي غير فعال

بقلم: حمزة عبيدات

كما يفقد المضاد الحيوي مفعوله مع كثرة استخدامه، ويكوُّن المرض وجيشه من الفيروسات والميكروبات والفصائل القتالية الأخرى مقاومة ضد حتى يصبح غير فعال ومكشوف الحركة، كما هو حال الثورات العربية فربيعها اعتمد على مضاد حيوي واحد جعل الأنظمة العربية تطور آليات التعامل معه حتى فقدت المادة الفعالة فيه القدرة على المفاجأة.

هل تساءلتم لماذا لم تنجح ثورات لبنان والعراق لحد الآن؟

الجواب تجدونه في تتبع مسار ثورات الربيع العربي التي بدأت من تونس التي خرجت بأقل الخسائر سريعا وفي أقل من شهر، تبعتها مصر بخسائر وعنف أكبر، ثم أصبحت كل ثورة تستخدم ذات الأسلوب ولكن الثمن كان يرتفع، ففي ليبيا وسوريا واليمن كان العنف الذي استخدمته الأنظمة هناك والخسائر التي سببتها هي الأشد.

الموجه الثانية .. مناعة أكبر خسائر أقل

وبالانتقال للموجة الثانية من الربيع العربي، نجد أن الأنظمة والدولة العميقة في بلدان كالجزائر والسودان طورت ردات فعل تمتص حراك الشارع وتتخذ خطوات بطيئة مطعمة بحد أدنى من الاستجابة لتبقي على وجودها في جسم الدولة وتعيد التمركز والإبقاء على أساسات الوضع السابق والفئات المستفيدة منه.

أما في العراق ولبنان حيث التشابه في التركيبة الديمغرافية وترتيب السلطة وفقا لهذه التركيبة، فإن الأنظمة طورت ردات فعل بطيئة جدا تراهن على الوقت وملل الناس وعودتهم لبيوتهم دون تغيير يذكر إلا في شكليات بسيطة كتغيير رئيس الحكومة، فيما لم يحقق الحراك في الشارع أي إنجاز ملموس في تغيير آلية الحكم أو التوافق على دستور جديد يمهد لحل طويل الأمد وتأسيس لحياة ديمقراطية ناضجة.

أسلوب واحد "إغراق الشوارع بالمتظاهرين"

استخدام ذات الأسلوب وهو إغراق الشوارع بالمتظاهرين دون وجود خطوات تصاعدية تضغط على الحكومات العربية وتفاجئها، جعل الأنظمة العربية تتعامل مع الثورات ببرود وبطء شديد، مع استخدام بعض أساليب الترهيب والرهان على جعل الحراك مملا وغير مجدٍ كلما مر الوقت..

استنساخ التجارب في مختبرات "الداخلية"

كل حراك يستخدم ذات الأساليب سيواجه مع الوقت مقاومة تبطل مفعوله، وأي حراك غير قادر على تطوير وسائل الضغط سيكون ضعيفا غير مؤثر، وستعرف الأنطمة كيفية العمل عليه وإضعافة وتجنب أي آثار له، كما أن استنساخ التجارب العربية في التعامل مع الحراكات أو الثورات وفر حلولا بديلة كثيرة للأنطمة في حين بقيت الشعوب تستخدم ذات الطريقة، ولنا أن نعلم جيدا أن اجتماع وزراء الداخلية العرب يكاد يكون الاجتماع الوحيد -تحت مظلة الجامعة- العربية الذي ينتظم دوريا دون توقف، وهذا كفيل بتطوير كل الآليات اللازمة للتعامل مع الثورات والحراكات ونقل التجارب وتداول الحلول والتعامل مع أي مضاد حيوي كلاسيكي.